محاور خطبة الجمعة المقترحة : المواطنة الصالحة

نشرت وزارة الاوقاف محاور خطبة الجمعة المقترحة ، والتي حملت عنوان " المواطنة الصالحة " .
وجاءت محاور الخطبة على النحو التالي :
• قال الله تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ) سورة النور .
• لقد استطاع بلدنا الأردن بحمد الله وفضله أن يحقق أمنه واستقراره ، وأن يكون مضرب المثل في حضارته ونهضته، وأن يحقق العديد من المكتسبات، وأن يواجه العديد من الأزمات حتى بات حصنا منيعا ووطنا شامخا، وما كان ذلك ليتحقق إلا بإيمانه بالله الواحد الأحد وبحكمة قيادته ووعي شعبه وصدق ولائهم وانتمائهم لوطنهم النابع من تمسكهم بدينهم واعتزازهم بحضارة أمتهم .
• الوطن هو مهوى الفؤاد وذكريات الإنسان ودار الآباء والأجداد وحب الوطن في قلب الانسان قضية فطرية انسانية اجتماعية لا يختلف عليها اثنان وقد جاء الايمان والإسلام لصقل هذا الحب وتجذيره وربطه بالأجر والثواب باعتباره طاعة يتقرب بها الى الله تعالى .. وحب الوطن لا يتنافى مع الايمان بل يتجذر ويتعمق مع الايمان ويزداد متانة ويرتقي من حب التراب والطين الى حب وطاعة لرب العالمين ، والإنسان بحبه لوطنه انما يتأسى بسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عند خروجه من مكة مهاجراً : ( والله إنك لأحب بلاد الله الى الله وأنت أحب البلاد إليَّ ولولا ان قومي أخرجوني لم أخرج منك أبداً ) .
• المواطنة الصالحة تنبثق من التحلي بروح المسؤولية التي يتحقق من خلالها ما كتبه الخالق سبحانه وتعالى على الإنسان في قوله الكريم : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) سورة البقرة ، ذلك أن هدف الإستخلاف هو تحقيق عبادة الله تعالى التي تتحقق من خلال بناء الوطن وعمارة الأرض ؛ فقال تعالى : (هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) سورة هود ، وجاء في الحديث الشريف عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن ( الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون ) رواه الإمام مسلم .
• المواطنة الصالحة تقتضي حب الوطن وصدق الانتماء إليه إذ أنه يعتبر من الإيمان ، ذلك أن انتماء المسلم لدينه وعقيدته ووطنه وأمته هو عنصر اساسي في حياته، وهو حاجة ضرورية وهامة ، ذلك أن الوطن هو المكان الذي تتحقق فيه عبادة الله تعالى والتزام شرعه، وعلى ترابه يحيا ويعيش ، ومن هوائه يتنفس ومن مائه يشرب ومن زرعه يأكل وبين افـــراده يكون المجتمع الذي يحقق فيه إنسانيته ومدنيته .. وتعتبر المواطنة الصالحة عاملاً مهماً في الاصلاح الاجتماعي ودرء مظاهر الفساد ، ذلك انه اذا عاش افراد المجتمع على اخلاص ولائهم وانتمائهم للوطن وقيادته فكل منهم يعرف ما عليه من واجبات فيؤدونها ويعرف ما له من حقوق فلا يتعدى على حق غيره فينتشر بذلك العدل وتسود المساواة ويعم الأمن والاستقرار ، قال عليه الصلاة والسلام : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) .
• تحقيقا للمواطنة الصالحة حث القرآن الكريم على التعاون ؛ فقال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) سورة المائدة ، وشبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين في مجتمعه بالجسد الواحد فقال صلى الله عليه وسلم : ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه البخاري ومسلم .. وفي الوقت نفسه جاء الحث على فعل الخير والعمل الصالح بشتى صوره وأنواعه ؛ فقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) ) سورة الحج ، وقد بيَّن الحديث الشريف أن العمل الصالح متنوع ومن أشكاله ما يحقق خدمة عامة ومصلحة وطنية فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلُّ يَومٍ تَطْلُعُ فِيْهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِيْنُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُ لَهُ عَلَيْهَا أَو تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَبِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيْهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيْطُ الأَذى عَنِ الطَّرِيْقِ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري ومسلم.
• الحفاظ على أمن واستقرار الوطن واجب شرعي ، ذلك أن العبادات لا يستقيم أداؤها إلا من خلال أمن الوطن واستقراره ، قال الله تعالى : ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) ) سورة قريش ، والقاعدة الشرعية التي تقول : "ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب " مما يتحتم أن تكون مسؤولية حمايتها وصونها والدفاع عنها مسؤولية جميع أبناء الوطن بلا استثناء .
• يحرس حدود الوطن أسود الجيش العربي يحمونه من أي اعتداء أو نيل من ترابه الطهور ، وتسعى الأجهزة الأمنية على صون الوطن وأمنه واستقراره داخل حدوده ، ولكن حفظ الوطن من أي فكر دخيل يعكر صفاءه ويشق صفه ويسعى إلى زرع الفتنة فيه هو مسؤولية جماعية تقع على جميع أبناء الوطن ، وإن أي تهاون أو تكاسل في ذلك سيؤدي إلى نتائج وخيمة لا يحمد عقباها ، قال الله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) سورة الأنفال الآية ( 25 ) .
• الدفاع عن الوطن أحد أسباب مشروعية الجهاد في سبيل الله، جاء في الحديث الشريف : (من مات دون أرضه فهو شهيد) .
• يحاول أعداء الوطن أن يزعزعوا وحدة صفه وتلاحم أبنائه من خلال إشاعات مغرضة يطلقونها بين فترة وأخرى ، وهذا يدعو إلى أن نحصِّن أنفسنا ومجتمعنا وأن لا نقع فريسة تلك الشائعات المسمومة التي تستهدف أمن واستقرار الوطن وتزرع فتيل الفتنة بين الناس ، والمنهج الشرعي يأمرنا أن نتثبت من أي خبر أو إشاعة وأن لا نسهم في ترويج تلك الإشاعات وتناقلها ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ) سورة الحجرات ، وقال صلى الله عليه وسلم : (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ) رواه الإمام مسلم ، وينبغي الحذر كل الحذر من نشر خبر أو ترديد شائعة فكم من مجتمع فتكت به الإشاعة حتى دمرته وشتت أهله وأراقت دماء وشردت أقواما ..
• ان المواطنة عطاء بلا حدود يؤدى دون مقابل مسبق ويتحول الى سلوك يومي من المشاركة والممارسة المفعمة بالرضى والقناعة والشغف برؤية ولمس نتائج هذا البذل على شكل انجازات تضاف الى ما تم تحقيقه على مر سنوات البناء الوطني ، وإن التفريط بحق الوطن والاهمال بأداء واجباته يجلب العواقب السيئة على مستوى الفرد والجماعة ويجر الوطن الى الوقوع في الخلل وانتشار الفساد ، قال الله تعالى : ( وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (85) ) سورة الأعراف ، وقال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) ) سورة التوبة .