أميركا: الملونون يُقتلون بدم بارد

ما حدث من جريمة بشعة بحق ضياء بركات وزوجته يسر أبوصالحة، وشقيقتها رزان في ولاية كارولاينا الشمالية، فعل بشع ولكن البشاعة الأكبر في رواية الشرطة الأميركية، حيث اعتبرت الحادث مجرد خلاف على موقف سيارة!
"كريغ هيكس" القاتل أفرغ رصاصاته في رؤوس ضحاياه، في حين تؤكدعائلة الضحايا أن القضية هي "جريمة كراهية" نظرا لماكتبه هيكس علىصفحته بموقع فيسبوك قبل الجريمة، ما حدث جاء نتيجة للشحن الممنهج ضد العرب والمسلمين، من خلال تصويرنا على أننا مجرد قَتله، نتيجة للحروب الطاحنة التي أشعلتها الولايات المتحدة من خلال أذرعها في المنطقة، وعلى رأسها "القاعدة" وتفريخاتها من "جبهة نصرة" و "داعش" وغيرهما، حيث شاهد العالم النموذج الإسلامي من خلال هؤلاء القتلة، ما زاد الطين بله، لتنامي التيارات المتطرفة في الغرب والولايات المتحدة عموماً ضد العرب والمسلمين.
لم تتخلص "أميركا" للآن من نهجها العنصري تجاه الملونين، والعرب والأفارقة والآسيويين وشعوب أميركا اللاتينية، يندرج ناسها أيضاً في خانة "الأغيار" كما باقي الملونين بحسب التصنيف التوراتي للبشر، فذات الرواية تكررت قبل فترة وجيزة في ولاية ميزوري الأميركية، وتؤكد على المواقف العنصرية من "الملونين" إذ أقرت المحكمة بعدم توجيه اتهام للشرطي "الأبيض دارين ويلسون" لإطلاقه النارعلى الشاب الأفريقي الأميركي الأعزل، “مايكل براون” 18 عاما، ما أدى لمقتله، في التاسع من آب (أغسطس) الماضي 2014.
إذن لم تتحرر بعد الولايات المتحدة من سطوة العنصريين البيض على مفاصل الدولة والمجتمع والاقتصاد، وبقيت النظرة الفوقية لما دونهم من الشعوب، بحكم أن بعض هؤلاء الأفراد يمتلكون البشرة البيضاء، ويحق لهم ما لا يحق لغيرهم، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن وصف العنصرية ينطبق على كل الشعب الأميركي، بل هو لفئات محددة والمصيبة أنها مدعومة من قبل العنصريين المتواجدين في مفاصل مهمة في الولايات المتحدة.
قتل عائلة بركات بدم بارد، يجب عدم السكوت عنه، ومحاكمته ضمن سياق صراع الأديان ليس بالحكم المنطقي أبداً، ولا يمكن تعميمه على الشعب الأميركي، أو على المسيحية بشكل عام، وأيضا على الإسلام وباقي الأديان، إنما يولد التطرف نتيجة للشحن السياسي والإعلامي الذي تقوده ماكنة السياسة والإعلام، لتحقيق أهدافها لتجييش الشعوب ضد بعضها من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، والمؤسف أننا نحن العرب والمسلمين ضحايا هذا التجييش.
سكوت الإعلام والمؤسسات السياسية في الولايات المتحدة عن هذا الحادث البشع، يزيد من حدة التطرف في العالم، ويؤسس للتطرف والإرهاب، طالما أن رواية الشرطة الأميركية تقول إن القتل تم على موقف للسيارة!
ما حدث يعيد إلى أذهاننا منظمة "كوكلوكس كلان" وهي من المنظمات الأخوية في الولايات المتحدة الأميركيةالتي تؤمن بتفوق البيض، والعنصرية ومعاداة الكاثوليكية، وتستخدم العنف والإرهاب والحرق للملونين على الصليب!
(الغد 2015-02-15)