العمل الجاد والخطابات الفارغة!

كان الجزء الأهم الثاني للاستعمار الغربي بعد خلق دولة اليهود في فلسطين عزل عرب افريقيا عن عرب آسيا. وهكذا كان منذ قطع خط سكة الحديد الموصلة من مصر إلى غزة وفلسطين عام 1948، ومنذ تقزيم موانئ العقبة وسفاجة في الخليج حتى وصل عدد سكان الثغر الأردني عام 1960 الى اقل من خمسة آلاف نسمة!!.
في النهوض الاقتصادي، الذي لم ننتبه اليه وسط هذا النقيق العاجز في السياسة العربية، عمل الاذكياء الاردنيون والمصريون على انشاء جسر متواضع يربط الاردن بمصر عن طريق «جسر عربي» مؤلف من سفن صغيرة محدودة لنقل الشاحنات والسيارات والناس. ثم انضم العراق الى الشركة التي توسعت خلال ربع القرن الماضي لتكون واصلا بين مصر والسعودية ايضاً.. وتقول الأرقام إن الشركة نقلت العام الماضي وحده 900 ألف راكب، و100 ألف مركبة من خلال 2500 رحلة بحرية: بحيث تكون شركة الجسر العربي ليست الأكبر في البحر الأحمر.. وإنما في الشرق الأوسط!!.
الجسر العربي، وأنبوب الغاز، وايصال الكهرباء.. هذه مشروعات جادة عملنا مع مصر على اقامتها باليقين الوحدوي وبالفهم الطبيعي لما يجري في هذا العالم، وحدة اوروبا ووحدة الافتا الشمال اميركية، ومنظمة الباسيفيكي، فالعالم يبحث عن مد الجسور والتعاون فيما يبرع العرب بالقفز عن وحدتهم الطبيعية، وتعلية الأسوار. بين اقطاره المصطنعة، وشحن العقائد «الوطنية» التي تكرس سايكس/بيكو ووعد بلفور في عقول الناشئة العربية!!.
اخطر ما يمر به الوطن العربي الآن، هو استبدال العمل الجاد في الاقتصاد بالخطابات السياسية. ونحن، حين نقف امام خبر انضمام باخرة نقل جديدة الى شركة الجسر العربي، تمر امامنا صور من العمل المجدي النافع لشعوبنا!!.