وهم الوجود والخلود اليهودي في المنطقة

تم نشره الإثنين 01st آذار / مارس 2010 01:38 صباحاً
 وهم الوجود والخلود اليهودي في المنطقة
راكان المجالي

 

اهداف بعيدة وعقائدية واستراتيجية وراء تطويب الحكومة الاسرائيلية للحرم الابراهيمي في الخليل وكذلك مسجد بلال وقبة راحيل في فنائه ، فعندما اندفع نتنياهو لتثبيت 150 مقاما واثرا في فلسطين يهوديا من بينها الحرم الابراهيمي وقبة راحيل فقد قصد أن يضيف ركيزة تاريخية لاقامة دولة يهودية خالصة في فلسطين.. وفي هذا الاطار يستمر التحرش بالاماكن الاسلامية والمسيحية في القدس وفي مقدمتها المسجد الاقصى الذي دنسته اقدام الطغاة عنوة امس وغدا وكل يوم في مسار الحصار والتخريب ومحاولات الهيمنة على الاقصى ، وبشكل واضح يعلن اركان اليمين اليهودي بأن شرعية اقامة الدولة اليهودية تظل تصطدم باماكن وآثار ومقومات اسلامية ومسيحية وتحديداً في القدس حيث الاولوية عند اليهود هي الرد على العهدة العمرية ومسح التاريخ العربي الاسلامي المسيحي من كل فلسطين وابتداء القدس والخليل وبيت لحم.. الخ.

الموضوع هو أن عقدة وعقيدة الدولة اليهودية الدينية القومية العنصرية الخالية من أي عنصر غير اليهود والتي برز التبشير القوي بها قبل خمس سنوات على يد الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الأبن ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أرئيل شارون تنطلق من غلو وغرور صهيوني باعادة رسم التاريخ وتغيير مساره وحتميته التي قال بها كل المفكرين الغربيين الكبار من ارنولد توينبي وبرترانرد رسل الى جان بيرك وغيرهم ممن أكدوا أنهم درسوا تاريخ هذه المنطقة قبل الاسلام وبعده وأنهم اكتشفوا أن كل الغزوات الكبرى ومحاولات احتلال المنطقة أو وضع قدم دائمة فيها قد فشلت لأن لهذه المنطقة من العالم خصوصيتها وهويتها الحضارية خاصة بعد الاسلام الذي اضاف مكوناً رئيسياً لوحدة هذه المنطقة وخصائصها الفريدة.

ولعل كل الذين استمعوا مؤخراً الى خطاب نتينياهو في هرتزيليا تنبهوا الى اصراره على احياء العقيدة الدينية اليهودية والقومية الصهيونية وهو ما لقي استحسانا من الاحزاب المتطرفة الدينية ورموز التعصب الصهيوني الذين كرس نتنياهوموقفاً على يمينهم جميعاً.

لكن نتنياهو قال في خطابه هذا أن اقامة الدولة اليهودية واستمرارية وجود اسرائيل لا يتحققا فقط بالارتباط بالجذور التي يتوهمها من خلال محاولته أثبات أن اليهود كانوا جزءاً من هذه المنطقة وأنهم عادوا لها ليس كغزاة وقوة احتلال وانما ليكونوا بعض مكوناتها

حيث يريد نتنياهو من خلال تثبيت الآثار اليهودية اكساب اسرائيل صفة شرعية الانتماء للمنطقة وهو العنوان الوحيد والمضمون للدولة اليهودية التي يعتبر كما كان يعتبر قبله شارون أن الاعلان المتأخر عنها جاء بعد أن نضجت الظروف لاعلانها وبعد أن باتت كل اراضي فلسطين عملياً ملكاً لليهود عبر التأييد القوي والمطلق الذي وفره عهد الرئيس بوش الأبن واركان حكمه من عصابة اليمين المحافظ التي كانت تتحكم بالقرار الامريكي وتشدد قبضتها عليه.

وكما هو واضح فان تطوراً اخر في عهد الادارة الامريكية الجديدة برئاسة اوباما يشكل استمرارية وهوا لدعم شبه المطلق من الكونجرس ومجلس النواب الاميركي لليهودية كدولة وعقيدة ويعتمد نتنياهو على تمرير كل ما يريد على ضعف اوباما المتزايد والذي اوصله وادارته الى الاستسلام لكل املاءات نتنياهو واليهود.. الخ.

الاهم في خطاب نتنياهو هو ما ركز عليه وافرد له المساحة الاوسع في خطابه وهودعوته الشعب اليهودي في اسرائيل الى تحمل مسؤوليته ونبذ الانانيات والجشع المادي وعبادة الشهوات والغرق في المتع بعيداً عن القيم الاخلاقية في ظل حالة من الاسترخاء كما وصفها نتنياهو تدفع اجيالا من الشباب الى التطاحن لتحقيق مكاسب مادية والى الانشغال في الاجندة الشخصية ، ولا يتسع المقال الى الصفات السلبية التي ساقها نتنياهو في وصف حال الاجيال الصاعدة من الشباب ، حيث يرى انه لا بديل عن العيش اليهودي في عقلية الثكنة والتحفز والايثار كما يدعوهم نتنياهو لذلك ، والا فانه يعتقد أن هذا الخطر الذي تمثله سلوكيات اليهود ستوصل اسرائيل الى الهاوية ، اذ لا يكفي ان يكون هنالك قرار رسمي بتأطير العقيدة اليهودية وتثبيت رموزها التاريخية الموروثة ، لاثبات انتسابها للمنطقة فهذه في رأيه هي المنطلق ، واما الضمانة الوحيدة لبقاء اسرائيل واستمرارها في أن يبقى اليهودي مستنفراً ومؤمناً بمبادئ واجندة العقيدة اليهودية في كل ابعادها التي اشار الى بعضها نتنياهو ، وهو يدعوالى ذلك اعتماداً على أن اليهودي سوبر انسان حيث يعرف أنه لا يوجد شعب في الارض يظل مشدوداً لاجيال وراء فكرة وعقيدة وهمية ، وجدير بنتنياهو أن يتذكر أن مملكة الرب التي اقامها الصليبيون في هذه الارض من هذه المنطقة قد عاشت عقوداً ولكنها انهارت من داخلها قبل أن تجتاحها جيوش صلاح الدين.

 

 

 

 

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات