"دفئوا قلوبهم": حملة لنصرة طلبتنا البردانين

المدينة نيوز- لو أنه ابنك.. لو أنها ابنتك.. هل كنت سترضى؟؟ هذا ليس إعلانا عن أطفال يبيعون الورد على الإشارات المرورية... هذا استطلاع رأي الناس المحترمين حول قضية أطفالنا "البردانين" في المدارس..
لو أنه ابنك، ذلك الذي يستصعب أن يمسك بقلم الرصاص حتى لا تصير أصابعه متخشبة وغامقة اللون مثل الحبر الصيني... لو أنها ابنتك تلك التي يكاد يتوقف قلبها الصغير المرتعش، فيما عيناها لا تفارقان فتحة النافذة المكسورة، وخيالها الخصب يقودها للساحرة التي ستؤشر بعصاها فينصلح حال النافذة ويهدأ قلبها قليلا..
مدارسنا تموت من البرد... طلبة ومعلّمون وموظفون طاولهم الربو والروماتيزم، اللذان طاولا الأبنية والجدران غير المهيأة إلا لاستقبال الأيام المشرقة!!
لا أقصد بالطبع التدفئة المركزية أو التمديدات تحت البلاط... فحتى صوبات الكاز المصروفة للمدارس، إن وجدت، فإنها تعاني الأمرّين: غياب الصيانة وشح الكاز... ثم يهلّ علينا وزير التربية والتعليم بإعلان إدخال التكنولوجيات الحديثة في التعليم لتسهيل (انسياب) المعلومات و(تدفقها) للطلبة في مدارس الوزارة..
لاحظوا تأثر معاليه بالأجواء الشتوية وحالة الأرصاد الجوّية!! لا أعرف ما موقف طلابك يا سيدي في مدارس ماركا والزرقاء وصويلح وسوف وعنجرة وجرش والكرك ومعان ووادي موسى وغيرها من مدارس المحافظات... ما موقفهم من التكنولوجيا من دون معلومات، وكيف لهم أن يتلقوا تدفقها وهم المشغولون بالساعة التي سيركضون فيها إلى منازلهم (ليعبطوا) صوبات البيوت المنتظرة على نار ويتراصوا تحت ألحفتهم الحنونة؟
كيف نحاسبهم على تقصيرهم العلمي في فصل لا يرحم... وهم الذين قرروا أن يختصروا عالمهم القاسي الناشف بكاسة شاي أو فنجان شوربة عدس سخن؟
ما يحصل في مدارس المملكة، أو بالأحرى ما لا يحصل فيها، يثير "الاستفزاز"، إذ لا أرغب في استعمال مفردة أخرى على نفس الوزن!! ما لا يحصل هو أدنى مقوّمات الحياة وأتفه متطلبات العيش وحسب.. لا العيش الكريم.. ما لا يحصل جدير بإحداث ارتباك إنساني واجتماعي كبير قبل أن يصل إلى المنظومة التربوية والتعليمية...
مدارس متروكة على الغارب، ولا تملك صوبة كاز واحدة تخفف من وطأة اصطكاك أسنان الأطفال المتلاصقين على الدكك... أطفالنا الذين لا يتدفأون بعز شباط إلا من أنفاسهم اللاهثة ونفخاتهم الصغيرة على أكفهم المتصلّبة من البرد..
أنا شخصيا أولادي في مدرسة خاصة، وحين يعلم أحد الأهالي بأي تقصير، يركض صائحا رادحا ومعه صورة الشيك الذي تمّ إيداعه لحساب المدرسة... لكن في المدارس الحكومية لمن تقرع الأجراس، بل من يقرعها؟!
هذا مقال ليس موجها لأي مسؤول في البلد.. لأن القضية العتيقة طرقت كل الأبواب ورنت على كافة الهواتف وتبهدلت في مختلف وسائل الإعلام، والحال هي الحال، والحزن هو الحزن، والبرد كل عام أصعب!!
هذه دعوة للأهالي وللناس العاديين والمقتدرين، وخصوصا أصحاب المبادرات الطيبة والنوايا الحسنة لأن يتحركوا بسرعة وعبر قنواتهم التي يختارونها، وأقترح الفيس بوك لجدارة وسرعة أدائه وتحصيله... رجاء لمن يهتم فعلا ولديه حسابه الخاص على أي موقع أن يبادر بإنشاء حملة لشراء صوبات كاز وغاز للمدارس الأقل دفئا... ولا تقولوا إن الشتاء يودّع أيامه الأخيرة، فالأيام المقبلة صعبة أيضا، ومن حق هؤلاء الأولاد والبنات والمعلّمين والموظفين أن يقوموا بواجباتهم وفروضهم من دون أي خدش لإنسانيتهم وكرامتهم، وحصتهم في الدفء..