اداب النقد السياسي وفستان الوزيرة

تم نشره السبت 07 آذار / مارس 2015 01:36 صباحاً
اداب النقد السياسي وفستان الوزيرة
عمر كلاب

يمكن تسجيل عشرات الملاحظات والانتقادات على شكل ومضمون التعديل الوزاري الاخير لحكومة الدكتور عبد الله النسور، كما يمكن تسجيل نفس العدد من القبول لشكل التعديل ايضا، فثمة قطاع واسع من النساء رأين في التعديل انصافا لحضورهن ووجودهن داخل مجلس صنع القرار بعد الظلم في تشكيلة مجالس امناء الجامعات، وكذلك رأت اطياف ان التعديل الغى مفهوم الكوتا الدينية والمناطقية فجامل مناطق وجار على مناطق ثانية، فالجغرافيا ما زالت مدخلا في التمثيل السياسي، لكن انحدار النقد الى مستوى لباس وزيّ الوزراء فهو ظاهرة جديدة على الحياة السياسية الاردنية جلبها طارئون على هذه الحياة .
منذ فترة ليست بقصيرة انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بصورة وزيرة التربية والتعليم الفرنسية واناقتها وجمال مظهرها الخارجي وطالب نشطاء على هذه المواقع بتجويد المظهر الجمالي والعُمري في حكوماتنا الاردنية ورأينا مئات المقارنات والمداعبات للحكومة ولنائب رئيس الوزراء وزير التربية والتعليم التي استقبلها الرجل برحابة صدر ودعابة ايضا، وانشغل الواقع العربي مؤخرا بفستان احدى الممثلات وطبعا اجتاحت الاردن هذه الحمى فنحن لسنا بمعزل عن العالم وحراكاته وتعامل المجتمع الاردني معها بابتسامة تحتاجها الحالة الاردنية لكسر صورتها النمطية ولم يتوقع احد ان ينسحب الامر على الحالة السياسية بشكل جدّي وبطريقة لا يقبلها المجتمع الاردني على اي فتاة من فتياته سواء أكانت وزيرة ام غفيرة.
وللتذكير فقد كسر المجتمع الاردني سطوة الذكورة الكاملة على مجلس النواب في المجلس الثاني عشر “ 1993 “ وفازت النائب توجان فيصل واستقبل المجتمع الاردني فوز توجان بحفاوة بالغة وقدمت تلك السيدة نموذجا برلمانيا مغايرا للشكل السائد حينها ولم يلتفت احد الى لباس توجان فيصل قبل عقدين ونصف العقد وانتقل الاردن بعدها الى الكوتا النسائية لتمكين المرأة ورأينا خيارات الشارع الاردني متنوعة بين الدكتورة حياة المسيمي ابنة جماعة الاخوان المسلمين واللواء المتقاعد فلك الجمعاني وانصاف الخوالدة ابنة الطفيلة وزميلتها الدكتورة أدب السعود ويومها عاتبنا عمان التي فشلت في توصيل نائبة عنها .
الآن ونحن نتفيأ ظلال يوم المرأة العالمي وبقايا الخير في الربيع العربي الذي نجح الاردن في اجتياز قباحاته، ينحرف النقد السياسي الى لباس السيدات كمدخل في تقييم الاداء وليته استند الى تقييم ديني او تراثي بل استند الى خيال مريض وقبيح في النقد يستوجب المساءلة القضائية لضبط الانفلات الحاصل في معايير النقد وتحوله الى اداة لنهش الاعراض والذمم، تحت لافتة الحرص على الوطن ونعرف انه لا يحمل سوى حرص شخصي على حلم تشكّل على خرائط دماغية تقول “ ليش مش انا “ .
تسعى الدولة والمجتمع الى كسر القيود عن مشاركة المرأة وتحسين ظروفها الاجتماعية التي كبلتها القيود القانونية والاجتماعية الغريبة عن طبيعة ووجدان المجتمع الاردني الذي ظل يتفاخر بأمه واخته، وما زالت عشائرنا في الشمال والجنوب تفاخر بانتسابها الى المرأة، هذه العشائر التي يحاول بعض مراكز التمويل والإفك والمعارضة النيل منها، غافلة انها اكثر تقدما وحضارية منها بدليل ان معظم الفائزات عن مقاعد الكوتا حظين بدعم العشيرة والمحافظة خارج العاصمة التي احتكرت المدنية والتقدم زورا وبهتانا .
نعاني والمجتمع من اختلالات كثيرة، ولسنا بحاجة الى تراجع في مفهوم النقد بإدخال ادوات بالية عليه، فأزمة النقد في اوطاننا ازمة معقدة ولا تفصل بين الشخصي والعام وتذهب الى غاطس مرعب في مجملها بحيث يطغى الشخصي على الوطني والعام، واول ضابط لاعادة الوعي الى النقد وتمييزه عن الذم هو القضاء العادل الذي يحدد هذه الضوابط ولا يجوز الكيل بمكيالين بين الاشخاص، فالاساءة الى دولة تحت بوابة النقد السياسي مدان مثل الاساءة الى سيدة تحت لافتة النقد .

(الدستور 2015-03-07)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات