بشأن اغتيال الشيخ عبدالله عزام من جديد

المدينة نيوز- منذ سنوات طويلة وأنا أتبنى تحليلا يستند إلى جملة من الوقائع يرى أن جهاز الموساد هو المسؤول عن اغتيال الشيخ المجاهد عبد الله عزام ، وليس أي طرف آخر.
عندما اغتيل الشيخ عليه رحمة الله ، قيل الكثير في الجهات التي لها مصلحة في قتله ، كان من بينها جهات عربية "جهادية" ، فضلا عن جهات غربية وروسية وباكستانية ، وكذلك أفغانية من بين فصائل المجاهدين التي كانت تراه محابيا لبعضها أكثر من الآخرى.
لعل تعدد الجهات التي يمكن التشكيك بدورها في العملية قد ساهم في حرف الأنظار عن الجهة صاحبة المصلحة الأكبر في قتل الرجل ، كما أنها الأكثر قدرة وجرأة على التنفيذ أيضا ، لاسيما أن أكثر الأطراف الأخرى ، ومهما بلغ مقدار خصومتها أو عدائها للشيخ ، لم تكن لتقدم على قتله بتلك الطريقة البشعة ومعه نجلاه.
هذا التحليل لم يكن عبثيا ، بل استند إلى وقائع حقيقية تمثلت في اعتقال الأجهزة الإسرائيلية لعدد من الشبان من حركة حماس ممن اعترفوا تحت التعذيب بأنهم تدربوا على يدي الشيخ عبد الله عزام في معسكرات أفغانستان من أجل أن يعودوا إلى الداخل ويشرعوا في العمل العسكري.
في تلك الأثناء كانت الانتفاضة في طور الانتقال إلى العمل المسلح ، حيث لم يكن الشيخ مقتنعا بقصة الحجارة من قريب ولا بعيد ، بينما كانت حماس بالنسبة إليه هي الحلم الذي طالما راوده طوال عقود ، تحديدا منذ انتهاء تجربة قواعد الشيوخ نهاية الستينات.
عندما وقع ذلك أدرك الإسرائيليون مدى الخطورة التي يمثلها الشيخ تدريبا وتحريضا على نقل الانتفاضة نحو العمل المسلح ، فكان أن قرروا التخلص منه ، لاسيما أن الرجل لم يكن مجرد قائد عسكري فقط ، بل كان شيخا وملهما في ذات الوقت. وفي هذا السياق نتذكر أن العمل المسلح في الضفة الغربية قد انطلق تحت مسمى كتائب الشيخ عبد الله عزام ، قبل أن يندمج في المسمى الذي اختير في قطاع غزة ، وهو "كتائب الشهيد عز الدين القسام".
يشار هنا أيضا إلى أن من قادة العمل المسلح الذين دربهم الشيخ أسماء بارزة مثل الشهيد عز الدين الشيخ خليل الذي أبعد بالخطأ إلى مرج الزهور ، ثم طالب الاحتلال بعودته في اليوم التالي على اعتبار أنه ليس بين المقرر إبعادهم ، وهو ما لم يحدث لأن مصيره كان معروفا ، أي السجن لسنوات طويلة ، ربما لمؤبدات.
عز الدين الشيخ خليل اغتيل في دمشق بتفجير سيارته نهاية أيلول من العام 2004 ، وهو ما يؤكد أهميته في ميدان العمل العسكري. ولا شك أن آخرين قد تدربوا أيضا على يد الشيخ عبد الله ليست لدينا جردة بأسمائهم.
ثمة بُعد آخر يتعلق بالعملية ذاتها من حيث الطريقة المتقنة التي تمت من خلالها ، والتي كانت جديدة على الساحة الأفغانية ، ونحن للتذكير نتحدث عن نهاية العام 1989 ، وليس بعد ذلك ، ولعلنا نشير هنا إلى أنها تشبه إلى حد كبير عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
كانت فلسطين هي أول العشق بالنسبة للشيخ الشهيد عبد الله عزام ، وهي كانت محور تفكيره ، وإن ملأ حب الجهاد عليه قلبه ، وعندما فُتح بابه الفلسطيني الذي يقتنع به عبر حماس ، بدأ الشيخ رحلته ، فكان أن زرع جزءًا من البدايات قبل أن يقرر القتلة التخلص منه ، ليلقى ربه شهيدا كما أحب أن يلقاه ، وعلى يد العدو الذي سعى دائما إلى مواجهته.