حارث الضاري رجل مسكون بالوقار والوطنية

ورحل حارث الضاري، قامة عربية إسلامية، كان لها حضورها على المشهد العربي والدولي طوال السنوات الماضية من عمر أزمة العراق، بعد الاحتلال الامريكي .
كان الراحل الكبير والشيخ الجليل، ممزوجا بالوطنية العراقية، وبالشهامة العربية كان هاجسه العراق، حاورته مرارا منها للنشر ومنها للاطلالة على ما يفكر الرجل أسهمت بدعوته للحديث في منتدى الدستور أكثر من مرة، ولكن لسوء الحظ كانت تحدث عوامل طارئة تحول دون أن يتحدث فيها للراغبين للاستماع إلى ما لدى الشيخ الذي تعجن في دمه الوطنية وروح العراق الثائر والوقار .
كان شيخنا الجليل يؤمن بأنه لا بد لكل قطر عربي من « مشروع شامل لكل أبنائه بمختلف توجهاتهم؛ لأنه السبيل الآمن، للتجاوز بالشعوب إلى بر الأمان، والنأي بها عن محاولات المغرضين؛».
كان يحاورك في ذات المقعد الذي يجلس عليه دوما بحكم بعض الالم في فقرات الظهر، يطل على قضايا الامة وقضية العراق بروح مسكونة بالعطاء والكبرياء والامل بان المستقبل للعراق رغم كل الويلات والدمار والفرقة والتشتت والوان الموت الطائفي .
كان يؤمن أن المفهوم المطروح للعراق وفق مقاييس الفدرالية تقوم على مبدأ تفكيك الدولة الوطنية العراقية لذا ظل وفيا حتى آخر لحظة من عمره لوحدة العراق الارض والكيان وطنا لكل أبنائه الاوفياء والمخلصين .
إنه فارس من فرسان الزمن الجميل، إنه فارس عربي كان له حضوره الطاغي على المشهد العراقي بكل تلاوينه الفكرية والسياسية، له مريدوه من كل فئات المجتمع العراقي .
لن نوفيه حقه، ولن تكون الكلمات قادرة على التعبير عما يجيش في النفس من محبة لهذا الرجل الوطني وها هو يختار أن يوراى جثمانه الطاهر في هذا الحمى الاردني وعاد جثمانه الطاهر من تركيا ليكون على مسافة قريبة من العراق الذي أحبه ورحل وهو يحلم بعودة العراق موحدا وطنيا لكل الخيرين من أبناء الامة .
كلما ترجل فارس من ارض الرافدين، تهوي من مأقينا الدموع ومن قلوبنا العبرات فالعراق دولة وطنية ولادة، تقدم للامة خيرة أبنائها في فلسطين ومصر وسورية ولبنان وفي كل مكان وفي كل زمان، وسيبقى العراق ما بقيت الروح والامة والكرامة .

(الدستور 2015-03-14)