الاحتجاج على مكافحة الفساد!

كانت الشبهات منذ البداية تحوم حول عطاء توسعة "المصفاة", لكن احدا لم يتوقع ان التحقيق في ملف العطاء "المعلقّ" سيصل الى هذا الحد, ولهذا السبب ربما ذُهل الكثيرون عند سماع خبر "التوقيفات", وشعر آخرون بالصدمة عندما طال الاتهام بعض الاشخاص المعروفين باستقامتهم.
ولأن مكافحة الفساد لم تكن سياسة ثابتة ودائمة في الاردن, ذهب البعض الى وصف الخطوة بانها تصفية حسابات على خلفية صراع مصالح بين الكبار. وتساءل كثُر لماذا هؤلاء بالذات خلف القضبان, بينما يفلت آخرون من العدالة? وما مصير العديد من قضايا الفساد التي اثيرت في السابق ولم يحال المشبوهون فيها الى القضاء?.
مثل هذه الاسئلة تبدو مشروعة ومبررة لكن غير المقبول وغير المبرر هو استخدامها كذريعة للضغط من اجل اغلاق التحقيق في ملف »المصفاة«.
إن توقيف اشخاص بتهم فساد ورشوة لا يعني انهم فاسدون ومرتشون, فالقضاء هو الجهة الوحيدة المخولة بقول كلمة الفصل.
وبالنسبة للموقوفين في القضية فان تحويل الملف الى القضاء افضل وارحم من بقاء الشائعات والشبهات تلاحقهم في الاوساط العامة. لقد احيل الى القضاء من قبل عدد من المسؤولين في قضايا مختلفة آخرها قضية »الكابسات« وحصلوا على قرارات براءة من اعلى هيئة قضائية وعاد بعضهم الى الوظيفة العامة مرفوع الرأس.
صحيح انهم مروا بظروف نفسية صعبة, لكن وضعهم سيكون اسوأ بكثير لو انهم ظلوا "مشبوهين وفاسدين« في نظر الرأي العام.
لا احد يستطيع ان يلوم الحكومة ودائرة مكافحة الفساد على ما اتخذته من قرارات بشأن ملف المصفاة, بل ان الواجب يفرض علينا دعم الخطوة ودعوتها لفتح المزيد من الملفات المخفية في الادراج. وهذا الدعم ليس موجها ضد الاشخاص المتهمين, فهؤلاء بالنسبة لنا ابرياء الى ان تثبت ادانتهم, وانما الدعم لنهج وسياسة مكافحة الفساد من حيث المبدأ.
مشكلة بعض الاوساط في الاردن انها تكيل بمكيالين احيانا, فهي من جهة تطالب الحكومات بمكافحة الفساد وتنتقد الاعلام لتقصيره في كشف الفساد والفاسدين, ومن جهة اخرى تشكك بكل خطوة تتخذها الحكومات في مجال مكافحة الفساد وترفع صوتها محتجة اذا كان المتهم في القضية من الاقارب او المعارف والاصدقاء.
من حق الناس ان يحتجوا على الحكومة إن هي تسترت على الفساد وقصّرت في مكافحته او استخدمت معايير مزدوجة وانتقائية في مواجهته, لكن المستغرب حقا هو الاحتجاج على الحكومة - اي حكومة - تتخذ خطوة ملموسة في مكافحة الفساد.
fahed.khitan@alarabalyawm.net