عمان الأغلى

تم نشره الثلاثاء 17 آذار / مارس 2015 01:26 صباحاً
عمان الأغلى
حسن احمد الشوبكي

لم تجلب الفقاعة العقارية قبل أكثر من عشرة أعوام، إلا الخيبات الاقتصادية للعاصمة عمان. فأسعار الأراضي تصاعدت إلى مستويات شاهقة، ومثلها أسعار الشقق والعقارات عموما، في أعقاب الاحتلال الأميركي للعراق العام 2003. ولحق عمان مشهد غلاء أسعار شمل مختلف الجوانب الخدمية فيها.
منذ العام 2006، ترصد وحدة الاستخبارات الاقتصادية التابعة لمجلة "إيكونومست" البريطانية، غلاء مستشريا في أوصال عاصمتنا. وفي عامنا هذا، تقدمت عمان أربع مراتب ضمن لائحة المدن الأغلى، تبعا لكلفة المعيشة فيها، فاحتلت المرتبة 48 عالميا ضمن قائمة تضم 133 مدينة.
عمان هي المدينة الأغلى على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، متقدمة على القاهرة والمنامة ودبي والرياض وجدة والكويت، وغيرها من المدن في المنطقة العربية. وهذا الغلاء ليس افتراضيا، بل هو واقعي يشمل تكاليف الحصول على نحو 160 خدمة ومنتجا، بما في ذلك الغذاء والملابس والسكن وفواتير الخدمات. وإن استمر الأمر على هذا المنوال، فقد تقترب عمان من نيويورك التي تتقدم القائمة في الغلاء؛ وهو ما يمكن تبريره بالنسبة لعاصمة التجارة الأكبر في العالم، فيما تصبح غريبة وعصية على الفهم هكذا مبررات بالنسبة لعمان.
لم تكن عمان هكذا، أو هذا ما سمعته أجيال عن كيفية تطور هذه العاصمة. فالأجداد والآباء نقلوا للأحفاد تطورا متدرجا وذكيا، في مناحي الحياة كافة، فتم هذا التطور بشكل منطقي حتى وقت قريب. بيد أن سمة الغلاء التي ارتسمت على كل تفاصيل المدينة، جعلت الحياة فيها قاسية على أبنائها، وطاردة لبعضهم.
فحتى ألف دينار شهريا لم تعد تقوى على مواجهة الغلاء المتفاقم في أسعار السلع والخدمات. وبالرجوع إلى متوسط الرواتب الشهرية في الأردن، والذي يبلغ 416 دينارا وفقا لدائرة الاحصاءات العامة، فإن الغلاء يصبح أكثر فتكا بساكنيها؛ إذ تغيب قدرة المواطنين على مواجهة موجات الصعود السعري برواتب هزيلة.
البيانات الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات تشير إلى أن معدل الرواتب ارتفع من 280 دينارا في العام 2006، فبلغ 305 دنانير، ثم 350 دينارا، وبعد ذلك 365 دينارا. حتى وصل قبل ثلاث سنوات إلى 416 دينارا. والخلاصة هي أن الزيادات الطفيفة التي طرأت على الرواتب لم تواجه بأي شكل من الأشكال تضاعف أسعار السلع والخدمات لأكثر من مرة منذ نحو عقد. والأزمة أكبر بالنسبة للقوى العاملة التي يحصل نصفها على أجور تقل عن 300 دينار شهريا، بحسب دراسات غير رسمية.
السؤال الأكثر أهمية: من يريد لعمان أن تكون الأغلى في أسعارها، والأصعب على صعيد التكيف معيشيا واقتصاديا بالنسبة لساكنيها؟ وأين يقع الفشل الحكومي في التخطيط لعمان، وجعلها في هذا الموقع غير المبرر لأبنائها، وحتى لمضمون وشكل اقتصاد الدولة؟ وذلك للوصول إلى مقاربات تساعدنا في تحديد سبل الخروج من عنق الزجاجة هذا، عبر تخطيط أكثر حصافة، وسياسات أكثر حرصا على المدينة وأهلها من جانب القطاعين العام والخاص.
عمان التي جمعت سكانا من مشارب مختلفة في النصف الأول من القرن الماضي، يجب أن لا تكون طاردة لمن تنسم هواء جبالها في الألفية الجديدة!

(الغد 2015-03-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات