أمهات مسنات:الورود لا تضيء القلوب الميتة

تم نشره السبت 21st آذار / مارس 2015 12:12 مساءً
أمهات مسنات:الورود لا تضيء القلوب الميتة
سيدة مسنة - تعبيرية

المدينة نيوز:- لم تخف المسنة سميرة دموعها المنهمرة على خديها جراء الجرح الغائر في حياتها وحزنها على إهمال فلذات الكبد لها، بعد أن أودعوها دارا للمسنين معتقدين أن المال المدفوع للدار يكفي لرعايتها ،فيما تحتاج الى الحب والحنان والعطاء .

تقول سميرة (73):" إن ابنائي تسيطر عليهم لغة المال، ولا يلتفتون لي إلا مرة في الشهر، أما ابنتي الوحيدة فتقوم بزيارتي في كل صيف بعد مجيئها من احدى الدول الأوروبية".

وجاءت(سميرة )إلى دار المسنين برغبة من زوجات ألابناء وبمباركة فلذات أكبادها، الذين لم يمانعوا ذلك، واقنعوها وقتها، بأهمية وجودها في دار الرعاية،وسيبقيها ذلك على تواصل مع من هم في سنها، وأنهم لن يقصروا معها، وسيبقون على تواصل مستمرمعها، بقولهم لها"كأنك عنا وأكثر".

وتقول : "في كل عيد للأم يأتون الي يحملون معهم أزهارا، لا تحمل أي معنى بالنسبة لي،،فهي لا تسعف المجروح حين تمتطيه صهوة الألم الكبير ببعده عن فلذات الكبد، ومعسول الكلام لن يغير مشاعري تجاه أبنائي " وتتساءل بألم، ما فائدة الورود اذ كان القلب ميتا، وهل تضيء الزهور قلوبا أطفأها الفراق ؟ اما الحاجة أم خيري (78)عاما فقد دخلت دار المسنين قبل اربع سنوات بناء على رغبة زوجة ابنها، التي احتجت على تدخلها في أمور تتعلق بالدخل الشهري لابنها،الذي باعتقادها كان مسرفاً في مصاريف لا داع لها.

وما زالت أم خيري تنتظر ابنها الذي وعدها بزيارتها منذ ما يقارب السنتين،لم تقطع الأمل خلالها وحاولت الاتصال به أكثر من مرة، إلا أنه قام بتغيير رقم هاتفه، وعملت على زيارته في المنزل برفقة مشرف الدار،لكنه أيضا غير مكان اقامته، "إلا انني علمت من جيرانه، أنه انتقل للعمل في السعودية".

أرادت أم خيري وقد ملأت التجاعيد وجهها وهي تسهر على راحة ابنها الوحيد،أن تستبق عيدية ابنها وتبعث رسالة إليه تقول فيها "كل عام وأنت بخير يما، وزوجتك وامهاتنا كلهن بخير".

ويعترف سعيد(41) عاما أن اخوته قاموا بإيداع أمهم في إحدى دور المسنين لأنها كانت (تفتن)بين زوجات اخوانه وتريد أن يسرن على خط مستقيم ووفقاً لرغباتها-حسب تعبيره-، مبيناً أن أمه عاشت في زمن غير زمانهن، ولا يجب عليها أن تتدخل في أمور لا تعنيها.

بدورها، ترفض والدة سعيد المقيمة في دار للمسنين في عمان، ادعاءات ابنها، وتؤكد أنها جاءت إلى الدار بإرادتها ورغبتها .

وتقول تحملت مسؤولية أبنائي بعد وفاة والدهم "كنت أربي الماشية وأستيقظ باكرا لأبيع الحليب والأجبان لأصحاب المحال، حتى أنفق على أولادي وأقوم بتأمين حاجاتهم المعيشية والدراسية". وتضيف ام سعيد (72 ) عاما انفقت عليهم وربيتهم حتى تخرجوا من الجامعات مهندسين وممرضين بعد ذلك منعوني من الاستمرار بالعمل لانه يحرجهم قائلين "مش من مقامنا" وقاموا ببيع تلك المواشي التي كانت مصدر رزقها ورزق اسرتها.

اما العراقية التسعينية سعاد؛ التي وجدت نفسها في دار للمسنين، بعد ما حل بالعراق من محن والانتقال إلى الأردن ، فلم تستطع اخفاء المها وحزنها بعد ابتعاد ابنائها عنها، والسفر الى دول اوروبية، لتجد نفسها وحيدة تفتقد الأقارب والمعارف.

واتخذت سعاد من الموسيقى وعزف البيانو والرسم، أنيسا لوحدتها، فهي تحب الفن وتتقن الفرنسية وقراءة الأدب الفرنسي،،"إذ أرى نفسي في لوحة الموناليزا"،كما تقول.

لكن يبدو أن القدر وضع أجنحة البؤس عليها من كل جانب، لتجد نفسها في أحضان ضعف البصر الشديد الذي حل بها ليحرمها ممارسة هواياتها المفضلة، بعد ان تنقلت بين بغداد ودمشق ابان الانتداب الفرنسي لسوريا لتتعلم الفرنسية،متمنية أن يعود بها الزمن إلى الوراء لتبدأ حياة جديدة خالية من كل ما ينغص العيش، ويضيق الحياة،وتتمنى أكثر أن يفاجئها أبناؤها كأي أم في عيد الأم على غفلة لتفرح بهم وتداعب وجناتهم .

وتروي السورية(حياة ) البالغة من العمر 90 عاما، رحلتها الى الأردن ،بعد أن كان الرصاص يتطاير في الحي الذي تسكنه في الشام، فهربت من المكان وبقيت تمشي حتى وصلت الحدود دون أي تخطيط مسبق.

وتؤكد أنها شعرت بالأمان عندما دخلت الأردن واستقبلها جنديان، لتنتقل إلى دار للمسنين في عمان، حيث تلقى الرعاية المناسبة، التي فقدتها في وطنها الأم ،على حد تعبيرها.

وتتمنى (حياة) لو أنها انجبت ابناء، فقد تزوجت من رجل قبل عشرات السنين ادعى أنها عاقر، وتزوج عليها ليبقيها على حد قولها "لا مطلقة ولا معلقة" ويتضح بعد سنوات أن طليقها هو العقيم فهو لم ينجب من امرأته الثانية، لكن القدر جعلها وحيدة ،جراء ظلم طليقها لها، ولم تجد اليوم حولها احدا سوى أخواتها وأخونها الذين وجدتهم في دار المسنين.

"لن تستغربوا أن دور المسنين، ضمت وما تزال مجموعة من رجال الفكر والثقافة والسياسة، فمنهم أطباء وسفراء سابقين ورجال إعلام"، وفق مدير إحدى دور المسنين الخاصة في عمان ماهر الحسيني.

ويؤكد أن الأردن أفضل بلد عربي في مجال رعاية المسنين، داعيا الى عدم تسميتها بدور المسنين واستبدالها من قبل الجهات المعنية لتكون دور "الرعاية والايواء".

يوجد في دار المسنين التي يديرها 18 سيدة منهن عراقيتان وسورية، و 8 رجال منهم سوريان وعراقي، وتتراوح الأعمار في الدار ما بين 40 و 96 عاماً.

المتحدث باسم وزارة التنمية الإجتماعية الدكتور فواز الرطروط يقول يوجد 9 دور مسنين في الأردن، غالبيتها تتبع القطاع الخاص ويقطنها 350 مسنا ومسنة، منهم 130 على نفقة الوزارة نظراً لظروفهم المعيشية الصعبة، وهذا العدد لا يكاد يذكر أمام عدد المسنين في المملكة والذي يبلغ 400 ألف مسن ومسنة.

ويؤكد أمين عام دائرة الافتاء العام الدكتور محمد الخلايلة ان تسمية يوم 21 اذار لتكريم الام هو "جائز"، ولكن يجب أن لا يقتصر هذا التكريم على يوم محدد في السنة، فالام دائما محل تكريم وتقدير.

(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات