الانتخابات العراقية وضرورة الحوار العربي الإيراني

تم نشره الثلاثاء 09 آذار / مارس 2010 02:50 صباحاً
 الانتخابات العراقية وضرورة الحوار العربي الإيراني
ياسر أبوهلالة

 سيجلس الأميركيون والإيرانيون ليرسموا صورة مجلس النواب العراقي، مع الاستئناس بما أفرزته الصناديق. ومع أن ستين في المائة قالوا إنهم سيشاركون في الانتخابات، بحسب المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إلا أن 68 في المائة منهم قالوا إن العامل الدولي (أميركا) والإقليمي (إيران) سيكون مؤثرا.

المؤسف أن العامل العربي غير موجود أو ضعيف جدا، وهو يحاول أن يجد لنفسه موطئ قدم من خلال أميركا أو إيران، أما تركيا فتواجه حائطا صد كردي وإيراني، ومع ذلك تحاول الدخول من الشباك إن أوصدت الأبواب. والغياب العربي كامل وليس مقصورا على السياسة والأمن. فقد كان بإمكان العرب أن يحضروا من خلال التعليم والابتعاث والصحة والعمل الخيري.

حاولت أميركا ضرب النفوذ الإيراني من خلال تفتيت الكتلة الشيعية ونجحت بدرجة ما في تقسيم الائتلاف، لكنه يظل قابلا للجمع بعد الانتخابات. فالجامع هو الهوية الطائفية فضلا عن المصالح الكبرى التي حققها الاستئثار بالدولة سواء على مستوى الأفراد أم الجماعات أم الطائفة.

كرديا، لا تضيف الانتخابات جديدا، وسيتصرف قادة الكرد بانتهازية لا تراعي مصالح القومية الكردية ولا مصالح الهوية الوطنية العراقية بقدر ما تكرس مصالح التحالف الحاكم في إقليم كردستان، يجمعون إيران وأميركا على فراش واحد.

السنة العرب، يمرون في أسوأ مراحلهم، سحقهم الاحتلال، وأرهقتهم المقاومة، ذهبت فيها زهرة شبابهم وخيرة كفاءاتهم، ومن بقي أقصته الدولة الطائفية وهمشته وبات يفتش عن مهرب. ومدنهم التي كانت حواضر العراق التاريخية غدت نهبا للجوع والخوف تتحكم بها عصابات الدولة والصحوات. أما الأقليات من مسيحيين وصابئة ويزيديين فلا يكادون يرون بالعين المجردة.

راهن أكثرية السنة العرب على إياد علاوي بوصفه شيعيا معتدلا، لكنه مع الدعم الأميركي، وفي ظل تقدمه النسبي في الانتخابات، غير قادر على تحدي هيمنة الأحزاب الطائفية التي ستظل تشكل أكثرية يمالئها التحالف الكردي. وهو لن يجد من الأميركان ومن حالفهم من العرب غير بريق الوعود!

لقد عرت الانتخابات مجتمعاتنا وأظهرت أقبح ما فيها، فالقاتل واللص والعميل ينتخب لأنه ابن الطائفة، والوطني والشريف يقصى لأنه ليس منها. وهذا ينطبق على جميع الطوائف لا طائفة بعينها. ولك أن تنظر في تاريخ كثير من الرموز المرشحة وتدقق في سجلها الجرمي!

في وضع مستعص كهذا، لا حل إلا بحوار استراتيجي عربي إيراني على مستوى سياسي، يوازيه حوار فكري وثقافي وديني مع المرجعيات الشيعية. فعلى إيران أن تقرر أن تكون جارة تربطها بنا روابط الحضارة والثقافة والدين أم عدوا ينازعنا الأرض والإنسان؟ وعلى المرجعيات الشيعية أن تقرر هل هم طائفة ضمن الفضاء العربي والإسلامي تسعى إلى الاندماج والتعايش والتشارك أم طائفة مغايرة تسعى إلى الهيمنة؟

في حوار كهذا يمكن طرح سؤال ..هل تقبلون أن يعامل الشيعة في العالم العربي والإسلامي معاملة السنة في العراق؟ لماذا تفرضون ديمقراطية التوافق في لبنان وترفضونها في العراق؟ هل تاريخنا مشترك وحضارتنا واحدة أم أننا منفصلون من “الخلفاء إلى الحلفاء”؟ هل يستطيع الشيعة الهيمنة على العالم العربي والإسلامي أم سيخسرون إن دخلوا في مواجهة مع الأكثرية؟ هل المشروع الصهيوني خطر حقيقي على الأمة يستدعي التوحد أمامه أم الشرذمة؟ وهل تقوى إيران وحدها على مواجهته؟ هل يمكن بناء دولة المواطنة المبنية على هوية حضارية مفتوحة؟ هل توجد نهاية للحروب الطائفية النائمة والقائمة؟

هذه الأسئلة نجيب عنها نحن. وحوار استراتيجي كهذا أهم بكثير من حوار استراتيجي بين أميركا وإيران قد يخرج بإملاءات علينا إن نجح أو كوارث إن فشل.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات