مواجهة الأزمات وتفكيكها، لا صناعتها!

تم نشره الخميس 11 آذار / مارس 2010 01:29 صباحاً
مواجهة الأزمات وتفكيكها، لا صناعتها!
محمد أبو رمان

  

دعا أعضاء اللجنة التحضيرية لنقابة المعلّمين، أمس، زملاءهم لاجتماع آخر يوم السبت لمناقشة موضوع تأسيس النقابة.

وتمنّت اللجنة على وزارة التربية والتعليم أن تفتح أبواب نادي المعلّمين لهم، تجنّباً لما حصل يوم السبت الفائت، وحمايةً لكرامة المعلّم ورسالته.

تمثّل هذه الخطوة تطوّراً مهماً في الطريق إلى نقابة المعلّمين، لكنه بحاجة إلى تضافر جهود آخرين. فلم يعد مطلب إنشاء النقابة قضية تخصّ المعلّمين وحدهم، فهو موضوع وطني بامتياز، إذ إنّه يتجاوزهذه الشريحة إلى أغلب فئات المجتمع، من لهم أبناء سواء في المدارس الحكومية والخاصة، وإلى أزمة الهوية الوطنية والثقافة العامة.

في المقابل، ما تزال تتذرَّع جهات رسمية لمعارضة النقابة بهاجس التسييس، وبأنّ أغلب هؤلاء المعلمين (قرابة مائة وخمسين ألفاً) يعملون في مدارس حكومية.

لم يعد ذلك مقنعاً. فما يحرّك المعلّمين اليوم، كما يعرف الجميع، ليس السياسة، إنّما الحقوق الأساسية الضائعة، لغياب الجهة التي تدافع عنهم وتحمل همومهم.

وزارة التربية والتعليم هي جهة تنفيذية، وليست نقابية، وليس بمقدورها القيام بالدفاع عن مصالح المعلّمين وحمايتهم، في ظل تدهور كبير ومفجع في المهنة النبيلة، خلال السنوات الأخيرة.

أمّا ما هو غير مفهوم، فتلك الرسائل والإشارات التي تصدر من الوزارة بمعارضتها النقابة، مع أنّ هذه النقابة من المفترض أن تعزز مطالب الوزارة بتحسين أوضاع المعلّمين ومكانتهم الاقتصادية، أسوة بباقي المهن الأخرى (فحتى السائقون والعمّال والحرفيون والفنانون لهم نقابات، فلماذا فقط يبقى المعلّمون بلا نقابة؟!).

أولوية نقابة المعلّمين واضحة وصريحة تتمثل برد الاعتبار لهذه الرسالة والدفاع عن أصحابها ونبلها ومكانتها، وهو ما بدا واضحاً أنّه لن يتحقق من خلال القنوات الحكومية والرسمية، التي ما تزال إلى الآن تتعامل مع أزمة المعلّمين باعتبارها أمراً ثانوياً، بل لا تكاد موازنة العام 2010 تكفي رواتب المعلّمين، فضلاً عن تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، التي تنعكس بالضرورة على أدائهم لمهمتهم ورسالتهم.

ممانعة الجهات الرسمية لوجود نقابة للمعلّمين جاءت في سياق مرحلة كانت الدولة تتملّك فيها جزءاً كبيراً من وسائل الإنتاج، ويحكم المنطق الزبائني الرعوي علاقتها بالمواطن، وفي وقت كان فيه دخل المعلّم يوفّر له مستوىً كريماً من الحياة.

اليوم، جرت مياه كثيرة تحت الأقدام، وتغيّرت صورة العلاقة بين الدولة والمجتمع والفرد، لكن بقيت المعادلات القديمة المتكلّسة على حالتها، ما خلق فجوةً كبيرة بين الأوضاع السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، نجم عنها اختلالات وأزمات خطرة في مجالات حيوية رئيسة، في مقدمتها التعليم.

من الأجدى، رسمياً، بدلاً من الاصطدام بهذه الشريحة الواسعة وقمعها أن يتم الحوار مع اللجنة التحضيرية والتفاهم على المسار المقبل والخطوات المطلوبة التي تشكل قاعدة للاتفاق بين الطرفين، بدلاً من تحوّل الأمر إلى أزمة سياسية، لها بالضرورة ظلالها الاجتماعية والأمنية والاقتصادية!



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات