سؤال.. «الفيدرالية»!!

تم نشره الثلاثاء 31st آذار / مارس 2015 02:43 صباحاً
سؤال.. «الفيدرالية»!!
محمد خروب

انتهت قمة شرم الشيخ, وصدرت قراراتها و«بانت» ملامح المرحلة الجديدة, التي أُريد ترسيخها من خلال القمة التي حملت الرقم «26», على نحو بدا وكأن جدول اعمالها قد جرى اختزاله لأسباب لها علاقة بالتطورات الاقليمية الاخيرة, التي كانت «المسألة» اليمنية محورها الرئيس, معطوفاً عليها قرار انشاء قوات عربية مشتركة, يُفترض أن ترى النور في ايلول القريب, رغم الغموض والالتباس الذي ما يزال حتى اللحظة يُحيط بالمهمات المنوطة بها و«ساحات» تحرّكها, والدول التي ستشارك فيها, وما اذا كانت هناك مشاركة رئيسية, فيما تُمنح عضويتها لدول ذات مشاركة رمزية, لأسباب معنوية أو سياسية صرفة.
ما علينا....
كل ذلك سيكون أكثر وضوحاً في الشهور القليلة المقبلة, هذا بافتراض بقاء التحالفات والاصطفافات الراهنة على ما هي عليه, أو بروز تطورات تدفع الى تشظّيها أو انقلابها, وهي في التاريخ العربي – قديمه والمعاصر – ليست بدعة جديدة بل سياق طبيعي, نظراً لأن السياسات العربية (بافتراض صحة خلع وصف كهذا على ما فعله أو يفعله العرب) تنهض على ردود الفعل والعاطفة والحماسة, اكثر مما تُبنى وفق أسس لها علاقة بالمنطق والقراءة المستقبلية واستخلاص دروس التاريخ وعِبَرِه, وخصوصاً بعد أن انهار العمل العربي المشترك, وفشلت مشروعات الوحدة الاقتصادية وأُطيحت كل محاولات «ازالة» الحدود السياسية (أو التخفيف من اجراءات عبورها أو اجتيازها, كمحطة عبور «ترانزيت» أمام الأفراد ووسائل النقل والرساميل والأيدي العاملة العربية), لصالح كل ما هو قُطْرِي وجِهوي وفئوي وأحياناً طائفي ومذهبي وعرقي..
المهم..
من دقق في جلسات القمة العربية رقم 26 المذاعة على الهواء, وقرأ بعناية «يافطات» التعريف أمام الملوك والرؤساء والامراء ورؤساء الوفود, اكتشف في غير عناء, كيف تبدّلت عناوين وأسماء الدول العربي خلال وقت قصير, ولم تعد سوى قلة قليلة (أقل من النصف) هي التي احتفظت باسمائها «القديمة», فيما طرأ تغيير جوهري على معظمها, بمعنى أن الدولة التي كانت موحدة, تحوّلت الى «فيدرالية», بعضها بفعل التغييرات الدولية العاصفة التي اجتاحت دولاً عديدة بعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي, مثل جمهورية الصومال الديمقراطية التي كان يرأسها الجنرال محمد سياد برّي, وما لبثت ان انهارت وتفككت واندلعت فيها الحروب الاهلية, وبرز امراء الحرب وملوك الإثنيات وازلام الدول المجاورة الطامعة في موقع الصومال الاستراتيجي في القرن الافريقي، فإذا بنا الان نكتشف ان فخامة الرئيس حسن شيخ محمود الذي حضر القمة بوصف بلاده عضواً في الجامعة العربية, يرأس دولة اسمها جمهورية الصومال الفيدرالية (الاتحادية) ليشارك العراق في هذا الاسم, ومرشح اليمن (السعيد) لأن يكون في النادي ذاته، سواء أبقى المتحاربون الان على صيغة الاقاليم (بعد تعديلها ربما) أم لم يُبقوا واخترعوا صيغة جديدة، بعد ان تغيّرت موازين القوى والمرشحة ايضاً لمزيد من التغيير والاختلال لصالح هذا الطرف او ذاك، وخصوصاً ازاء مستقبل اليمن الجنوبي الذي تدور حوله (ومن أجله) حرب مدمرة, ليس بمقدور أحد التكهن بالمدى الذي ستصل اليه او تتوقف عنده، ومَنْ هي الاطراف التي يُحتمل أن تجلس في مقاعد المنتصر وتلك المحكوم عليها بالهزيمة.
هي إذاً رياح الربيع العربي التي ما تزال تهب على المنطقة العربية على شكل عواصف هوجاء, منذ ان انطلق التوانسة يُبلِغون بن علي (والعالم) ان «الشعب يريد اسقاط النظام» حتى هذه الأيام, التي كشفت سموم هذه الرياح وخطورتها, وكيف استطاع الغرب الاستعماري وأدواته ان يُحوِّلوا هذه الرياح لصالح اشرعتهم, ويأخذوا الثورات «الشعبية العربية» الى مستنقع العنف والارهاب والاحتراب الطائفي والمذهبي وسيادة خطاب التكفير والقتل.
ليست الصومال سوى نموذج اولي, والعراق لم تستقر صيغته «الأخيرة».. بعد، لان ما يجري الان وبعد ان غدا «داعش» لاعباً رئيساً في المعادلة العراقية, يمكن ان يأتي بصيغة اخرى غير تلك التي أقرّها الدستور الحالي, بوجود اقليم كردستان «وحده», في ما «جماهيرية» ليبيا تسير حثيثاً في اتجاه الفيدرالية ومشروعات سمير جعجع للكانتونات الطائفية في لبنان لم يتم دفنها هي الاخرى, أما عن السودان فالحديث يطول ويتشعّب, بعد ان فتح انفصال الجنوب شهيّة الثوار او المتمردين او الانفصاليين في دارفور وكردفان والنيل الازرق وغيرها من المناطق والولايات التي تُنسّق مع جوبا (عاصمة الجنوب) بهدف تفكيك الشمال أو أقله اضعاف السيطرة المركزية من الخرطوم على ما تبقى من السودان.
هل نمضي قدماً؟ أم أن الحكمة تقتضي الصمت, بعد ان وصلت الاوضاع في الفيدراليات العربية حدوداً خطيرة تُهدّد ما تبقى من «اشكال» قائمة للدولة والمجتمعات المأزومة بل المُفَخخة, وخصوصاً في ظل ارتفاع نِسب الفقر والبطالة والجريمة وانهيار البنى التحتية وتدهور الخدمات وعلى رأسها الطبابة والتعليم والمرافق؟ ناهيك عن ارتفاع منسوب الغرائز والشحن الطائفي والمذهبي والعرقي والمناطقي.

(الرأي 2015-03-31)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات