"شيخ الأزهر" .. السياسة والدين!

المدينة نيوز- رحل شيخ الازهر الذي افتى بجواز اقامة "الجدار العازل" بين مصر وغزة ، ولاننا كعرب يتملكنا هذه الايام "عقل الدجاجة" انقسمنا في حديث سياسي ، بمفردات دينية ، حول هل سيذهب شيخ الازهر الى الجنة او النار.
من يعتقدون ان الشيخ سيذهب الى الجنة يقولون ان الرجل ذهب الى مناسبة في الرياض ، وتوفي في المطار ، لكنه سيتم دفنه في البقيع في المدينة المنورة ، مع الصحابة والصالحين ، وهذا دليل على حسن الخاتمة ، على الرغم من ان شيخ الازهر ، كان سُيدفن في القاهرة ، وجرى التغيير في اللحظات الاخيرة ، ودفنه في البقيع في المدينة المنورة يتم استثماره سياسيا ، للقول ان فتواه حول الجدار العازل بين مصر وغزة ، فتوى لها قبول رباني ، ومباركة من النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن الصالحين ، وهو اسوأ وابشع استخدام للدين ، في السياسة ، ولصالح من؟ لصالح اسرائيل المستفيدة فقط من حصار غزة.
في تصريحات اعلامية لصحيفة عربية يومية مهاجرة في لندن ، أكد الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشريف أن الإمام الأكبر شيخ الازهر الطنطاوي ، كتب الله له حسن الخاتمة بدليل أنه سوف يُدفن في البقيع وهي درجة توجب له الجنة ، واضاف الشيخ الاطرش "أن من المكارم التي سوف يحصل عليها الشيخ الراحل أن الأرض لن تأكل جسده أسوة بأهل البقيع من الصالحين وفي مُقدمتهم النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون" ، غير ان ذات الصحيفة نقلت عن الشيخ محمود عاشور وكيل مشيخة الأزهر سابقاً قوله بأنه "لا يرى في الدفن في البقيع إشارة على أن الميت من أهل الرضوان الذين ينالون الجنة" ، وتساءل عاشور: "بماذا سينفع البقيع صاحبه إذا كان من أهل المعاصي ولم يؤد الفروض كما أمر المولى عزّ وجل" ، مضيفاً: "ليس صحيحاً بالمرة أن أهل البقيع لن تأكل الأرض أجسادهم فتلك ميزة اختص بها الله سبحانه وتعالى فقط الأنبياء".
ويمتد الجدل حول هل سيدخل شيخ الازهر الجنة او النار ، الى جمهور عربي واسع ، والى وسائل اعلام عربية ، اعتادت على تجهيلنا ، وتحويلنا الى جمهرة من السُذج. السؤال الذي اطرحه من جانبي. ما علاقتنا نحن اذا ذهب الشيخ الى الجنة او ذهب الى النار. بماذا سيؤثر هذا على حياتنا ، وعلى واقعنا العربي المخزي. لماذا وصل الامر ببعض منتحلي الدين ، النطق باسم الله ، وحسم النتائج نيابة عن رب العالمين. هل لدى هؤلاء وكالات من رب العالمين ليُحددوا مصير الانسان بعد الوفاة. هل يجوز ان يصل الامر ببعض الذين يتاجرون بالدين توظيف موته ودفنه في بقيع المدينة المنورة ، للدلالة على الكرامة والمعجزة والبركة ، وسحب هذه الاستنتاجات بطريقة خبيثة على فتاواه السياسية ، ومنحها شرعية. اي فتن هي هذه نراها بأم اعيننا ، ولا نملك الا ان نغضب بشأنها.
ذهب الى الجنة ام ذهب الى النار. لا يُهمني ابدا. المهم اين سنذهب نحن في دنيانا. هل سنذهب الى التحرير والرخاء والحرية والازدهار. ام نذهب كل يوم الى ما هو اسوأ ، على كل الصعد ، وبحيث نكون في جهنم الدنيا دون ان ندري ، بل نتجاوز قدرنا ونُقرر مسبقا ، اين سيذهب هذا او ذاك ، وندخل في جدل ، نستنطق فيه السماء ، بحثا عن ادلة لكل ما نُهرّف فيه ، ولكل ما نقوله ، ونتعدى فيه على كوننا مجرد خلق اهملنا دنيانا ، وتصارعنا على الاخرة ، باعتبارنا نملك اسرارها ومفاتيحها ايضا.
لن نرى الجنة لا في الدنيا ولا في الاخرة ، قبل ان نتخلص من "عقل الدجاجة" الذي يتلبسنا ، واخشى ما اخشاه ان نكتشف اننا مثل "فقراء اليهود". لا دنيا ولا آخرة ، امام هذا الجهل الذي لا سابق له.
mtair@addustour.com.jo