دخان الأراجيل وغبار المعارك

يتم الحديث عن تغير امريكي - اوروبي لغير صالح اسرائيل, بعد قصة بايدن مع نتنياهو ومسألة الاستيطان. وما نشرته الصحف الاسرائيلية عن »غضب عرمرمي« لهيلاري كلينتون على رئيس وزراء اسرائيل وقراراته الاستيطانية, هذا التطور قد يكون مشجعا للمعتدلين والمتفائلين في عواصم المنطقة, لكنه, ابداً, لا يشكل ثمرة لسياساتهم ولا نتيجة طبيعية لمواقفهم.
اذا كان هناك بالفعل, غضب من اسرائيل في واشنطن ولندن وباريس, فان اكتفاء قادة الدبلوماسية العربية (وزراء الخارجية) بذلك هو مصيبة كبرى وكارثة. فمن المفترض ان تشجع هذه التطورات الدولية ضد حكومة نتنياهو الوزراء وحكوماتهم ودولهم لاتخاذ خطوات تصعيدية قوية وجادة ضد اسرائيل دفاعا عن القدس وهويتها ومن اجل الدولة الفلسطينية المستقلة.
لقد مرّ العام الماضي والعرب يضعون قدما فوق اخرى بانتظار ان يحسم أوباما المعركة مع نتنياهو لصالح المبادرة العربية والشرعية الدولية. وما جرى ان »دخان الأرجيلة« الذي ملأ اجواء الدبلوماسية العربية قابله نتنياهو بغبار معارك دبلوماسية طاحنة ضد الرئيس الامريكي. حشد فيها جميع انصار اسرائيل في الكونغرس والصحافة, وكانت النتيجة فوزا كبيرا لنتنياهو, الذي لم يتراجع ويجمد الاستيطان انما تقدم به خطوات بعيدة. حتى انه بدأ يتحدث عن 50 ألف وحدة استيطانية في القدس المحتلة بعد عشر سنوات. والسؤال اين ستقام الدولة الفلسطينية اذا كانت اسرائيل تريد تحويل القدس بعد 10 سنوات الى تل ابيب اخرى!!
بوضوح اكبر, كلمة »لعم« بين الرفض والقبول, التي اعلنها الرئيس الفلسطيني من عملية المفاوضات غير المباشرة, هي وليس غيرها, من آثار غضب ادارة أوباما, التي ارادت استثمار هذه المفاوضات لتحسين وضعها في انتخابات الكونغرس المقبلة.
ولو ان وزراء خارجية الدول العربية استبدلوا اقتراحهم الاخير بمهلة ال¯ 4 شهور لمفاوضات غير مباشرة, بالذهاب فورا الى مجلس الامن, مع التهديد بسحب المبادرة, للمطالبة بفرض عقوبات دولية على اسرائيل أسوة بما يفعله الغرب ضد ايران لكان الوضع افضل بكثير للمسجد الاقصى المهدد والدولة الفلسطينية التي يتم نسف اساساتها.
من يدافع عن القدس اليوم, وعن عاصمة الدولة الفلسطينية المنشودة, وعن المبادرة العربية, ومن يضغط على ابو مازن لرفض عرض المفاوضات »الغاشمة« هم بضع عشرات من النساء الفلسطينيات والشباب على ابواب أسوار القدس المحتلة وحواجز الاحتلال في قلنديا, وامام الجدار العازل في بلعين, وهذا يؤكد ان تخلي السلطة الفلسطينية عن المقاومة اليومية وعن سلاح الانتفاضة, لا يؤدي فقط الى »جرب الاستيطان« الذي تعيشه العصابة الصهيونية الحاكمة, انما ادى الى ان يتخلى عنها العرب. الذين استمرأوا حكاية »المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية« واعتبروها غاية في حد ذاتها تُذلّل من اجلها الارض والحقوق والمقدسات!.0
taher.odwan@alarabalyawm.net