عام ونصف على مشكلة البورصات

عام ونصف العام تقريبا مرت على مشكلة البورصات العالمية، وإلى اليوم لم تُعد حكومتان متتاليتان سوى مبلغ 33 مليون دينار من أصل 300 مليون دينار، احتالت بها شركات البورصات على أكثر من 100 ألف مواطن، بعد أن أهملت السلطات متابعة هذا النوع من الشركات على مدى سنوات قبل انفجار المشكلة.
التأخير والمماطلة في إنهاء مشكلة الآلاف يبدو جليا من خلال أداء الحكومتين، وضآلة المبلغ الذي تم إرجاعه إلى أصحابه يعكس ذلك.
الأرقام التي أعلنت في عهد حكومة نادر الذهبي كانت تؤكد أن قيمة المبالغ النقدية التي استردتها الحكومة بلغت 55 مليون دينار، وعلى الرغم من ذلك لم تعد السلطة التنفيذية سوى 33 مليونا.
وقدرت الجهات الرسمية إجمالي قيمة ما تم تحصيله من أصحاب الشركات بنحو 157 مليون دينار؛ منها 55 مليون دينار نقدا، 100 مليون عقارات حددت قيمتها بناء على تقديرات دائرة الأراضي، و2 مليون دينار مقابل سيارات فارهة اشتراها أصحاب الشركات على حساب الناس.
اليوم وبعد هذه المدة الطويلة، يظهر جليا أن ثمة تقصيرا حكوميا في إعادة هذه الأموال، لا سيما وأن حكومة نادر الذهبي كانت تعهدت بإرجاع 50 % من حقوق الناس، إلا أن هذا الأمر لم يتحقق إلى اليوم.
فإعادة الحقوق إلى أصحابها بحاجة إلى تذكير وإصرار على أهمية استعادة باقي الـ 300 مليون التي لم تحصّلها حكومة الذهبي.
المشكلة التي انفجرت وورثتها حكومة سمير الرفاعي ما تزال تشغل بال آلاف الأسر وتقض مضاجعهم، بعد أن خسروا مدخراتهم لدى هذه الشركات التي احتالت على مستقبل عدد كبير من الأسر الأردنية، التي وضعت “تحويشة” عمرها لديهم أملا في دخل إضافي يعينهم على مواجهة متطلبات الحياة المتزايدة.
وها هي مدة 18 شهرا تقريبا تمر على مشكلة البورصات وما يزال آلاف الأفراد ينتظرون إجراء يعيد لهم حقهم، بعد أن تراجعت الحكومة عن عقاب كل من سولت له نفسه في ذلك الحين، ممن تاجر بمصائر الناس ومستقبلهم ولم يتلق أي منهم جزاء ما فعل.
يبدو أن الانتهاء من توزيع هذه الأموال سيستغرق وقتا أكثر بكثير مما يتخيل أصحاب الأموال الذين ما يزالون يأملون بحل مشكلتهم.
الحديث مع المتضررين من الشركات الوهمية يعكس المرارة التي يعيشها هؤلاء بعد أن ضاع حقهم وذهبت آمالهم وأموالهم أدراج الرياح، حينما تخلت الحكومات عن دورها ولم تعد الحق لأصحابه.
حالة القلق والانتظار والسؤال المستمر عن مصير الأموال ومواعيد إعادتها تتسع، ولا بد من وضع آلية واضحة ومعروفة لتوزيع الأموال التي تم تحصيلها، بحيث يتم توزيع جميع الأموال ضمن برنامج محدد.
اعتماد مثل هذه الآلية يقلص حالة القلق، ويطمئن الناس على أموالهم ويؤكد لهم أن هناك من يحمي حقوقهم ويذود عنها، والعودة للحديث عن حساب المسؤولين المقصرين في حفظ حقوق الناس وحمايتهم من عمليات النصب، أمر واجب لا سيما وأن ثمة توقعات بظهور مشاكل مشابهة إلى حد ما.