جزرة مدهونة بالدم!

المدينة نيوز- العصا رخوة وناعمة ، وأشبه بريشة طاووس والجزرة مقشرة ومدهونة بالدم العربي. تلك هي ثنائية العقاب والثواب التي طالما اقترنت بالعلاقات بين تل ابيب وواشنطن ، فهل نصدق ما قاله بايدن عندما ربط اصابع اسرائيل بالقبضة الامريكية ، وقال ان امنها هو من امن امريكا ، وهي الحليف الاقرب والاعز. ام نصدق ما قالته السيدة هيلاري عندما وصفت اعلان اسرائيل عن بناء مستوطنات جديدة بانه استخفاف بالولايات المتحدة؟.
القلم الامريكي الذي يسجل اخطاء اسرائيل واختراقاتها ترتبط بطرفه ممحاة سرعان ما تحول الاسود الى ابيض ، ونحن العرب ضحايا نموذجيين لهذه اللعبة الامتصاصية ، فلم يعد مهما ما يقوله هذا الرئيس او ذاك الوزير في الولايات المتحدة عن حكومة نتنياهو التي تتصرف وكأن هذا الكوكب مستوطنة كبرى لها ، ما دام الكلام مجرد فقاعات سرعان ما تتلاشى في الهواء ويبقى كل شيء على حاله،.
وحين يفرح العرب بأية ومضة غضب امريكية على اسرائيل فذلك بحد ذاته مثار للاشفاق لانهم اصبحوا كالغرقى الذين يتشبثون بقشة ، ومثلما لاح السراب على اليابسة فازدادوا ظمأ ، تلوح لهم الآن قوارب النجاة في زبد الامواج ، لأن فائض الضعف والهشاشة يحول الانسان الى ورقة يابسة في مهب عواصف التاريخ والجغرافيا معا،.
لقد غيرت اسرائيل استراتيجيتها في تقسيط المذابح والانتهاكات والسلب ، وها هي تفعل ذلك بالجملة وكأنها في سباق مع الزمن والوقت لصالحها لهذا لا تفرط بثانية واحدة منه ، فهي تخشى من اي تبدل في العالم يغير اتجاهات السهم في البوصلة.
استيطان متصاعد وتهويد متسارع في آن معا ، وما كان يحدث بمعدل انتهاك واحد في اسبوع اصبح يحدث بمعدل عشر انتهاكات في اليوم الواحد ، واسرائيل لا ترتعد اذا سمعت تصريحا هنا او هناك يعترض على سياستها حتى لو كان مصدره البيت الابيض ، لان كلام الامس يمحوه الغد ، وقد تكفي زيارة واحدة يقوم بها باراك او نتنياهو الى واشنطن بحيث يعاد كل شيء الى مكانه،.
وما تراهن عليه اسرائيل الان هو الذاكرة الغربالية للعرب الذين يعيشون من يوم الى يوم بل من وجبة الى اخرى ، فلا يتذكرون ما جرى قبل يومين ما دام الذي يجري الآن هو اعظم ، وهذا الرهان من صميم استراتيجية الاخضاع عبر الجرعات المتصاعدة ، وقد جرب مرارا.
ان القمة على الابواب ، واجندتها مضطربة لان الاحداث تنسخ بعضها ، ولأن الشجون الذاتية وهواجس تبرئة الذات هي ما يتحكم بعقل سياسي محشو في الجبس ، واذا كان هناك طرف يجلد وآخر يُحصي الجلدات: فان المتوالية قد تصل الى ما بعد اللحم الحي وتخترق النخاع ، وحالة العرب الآن اشبه بعرس تحت غارة جوية ، فلا يرى من اصاب العمى قلوبهم ابعد من انوفهم ومن يومهم وشعارهم الأخرق حتى لو لم يعلنوه هو "ما يسقط من السماء تتلقاه الارض"،،.