ارتياب من حوار الحكومة والأحزاب

تم نشره الثلاثاء 21st نيسان / أبريل 2015 02:35 صباحاً
ارتياب من حوار الحكومة والأحزاب
أسامة الرنتيسي

مع أنني من دعاة الحوار بين الأطراف الرسمية، ممثلة في الحكومة ومؤسسات العمل العام جميعها والمجتمع المدني وعلى رأس الكل الاحزاب، إلّا أنني بالمتابعة الحثيثة، بت أشعر بارتياب شديد كلما سمعت عن بدء حوار بين الحكومة والاحزاب.
أمس، التقى رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وفريقه السياسي قادة الاحزاب الاردنية، مع ان احد القادة الجدد للاحزاب اعترف قبل اللقاء "بان الوضع الحقيقي للحياة الحزبية حاليا في البلد وكأنه لا يوجد احزاب"، وعلى كل حال لم يخطئ كثيرا.
القلق من هذا اللقاء انه يضمر خلفه قضية ما تريد الحكومة تمريرها، وقد فعلت اكثر من مرة عندما كانت تلتقي بالاحزاب وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني ورجال الاعلام، عندما كانت تريد تمرير قضية اقتصادية مرتبطة برفع الاسعار، او قرار غير شعبي، وتعتبر هذه اللقاءات حوارات وطنية تظهر وكأنها موافقة على القرار الحكومي، يتبعها تمرير مريح من قبل مجلس النواب، وفي النهاية يخرج القرار بتوافق الجميع.
ما يجري من لقاءات فعليا، ليس حوارا وطنيا، بل اطلاع هذه النخب على ما تريد الحكومة اقراره، وبعد ان انتهت الحكومة من حزمة القرارات الاقتصادية الصعبة، التي يقول عنها السياسي الخبير النائب السابق الدكتور ممدوح العبادي: "ان الاصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة النسور لم تفعل شيئا، ويحتاج الوضع الاقتصادي الى عناية فائقة بعد ان زادت المديونية 7 مليارات دينار في عهد الحكومة الحالية". تريد الحكومة الان الانتقال الى القوانين السياسية.
لقاءات الرئيس وطاقمه الوزاري مع قوى مجتمعية تعد شيئا محمودا، لكن لا بد من الانتباه إلى أن الفترة الماضية أوجدت قوى وممثلين لحراك الشارع الأردني تجاوزت في أهميتها وثقلها الأحزاب التقليدية والأسماء التاريخية. وهذه القوى هي الأولى بلقائها ومحاورتها والاستماع إليها، طبعا ليس على طريقة أن يكون الهدف المضمر من اللقاء الاحتواء، بل الإصغاء إلى رؤيتها وتوجهاتها ومطالبها، وهذا أنفع وأكثر إنتاجية، وهو الذي يحدد كيف علينا صياغة خريطة الطريق للمرحلة المقبلة.
هذه اللقاءات على أهميتها لا تغني عن ضرورة أن تقف الحكومة بجدية امام الشعور بالقلق البالغ الذي ينتاب المواطنين والمشتغلين بالعمل العام إزاء الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وهذا لا يمنع او يعطل ان تنجز الحكومة قوانين الاصلاح التي تتحدث عنها، بدءا من قانون البلديات والاحزاب واللامركزية، للوصول الى قانون الانتخاب، ولم افهم المغزى الذي انطلق منه وزير الحكومة السياسي الدكتور خالد الكلالدة، في نفيه لموقع "عمون" ان الاجتماع لا علاقة له بقانون الانتخاب.
في القلب من مشروع الإصلاح الوطني الديمقراطي الشامل، يجب أن تتصدر القوانين ذات الصلة المباشرة بمصالح الفقراء وأبناء الفئات الاجتماعية المتوسطة أولى اهتمامات السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلى جانب قوانين الإصلاح السياسي بالغة الأهمية لإحداث التغيير الديمقراطي المطلوب بأقل التكاليف الممكنة، وعبر ممرّات سلمية يقظة جادّة وآمنة، من دون التفاف رسمي على المطالب الشعبية التي عبّر عنها الشعب الأردني بصراحة ووضوح شديدين في الفترات الماضية.
فحذار الوقوع في فخّ التجاهل للمطالب الشعبية، والأمنيات في العيش بكرامة وطنية وإنسانية.

(العرب اليوم 2015-04-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات