أوباما أيضا ووجه امريكا

تم نشره الجمعة 19 آذار / مارس 2010 03:23 صباحاً
أوباما أيضا ووجه امريكا
راكان المجالي

بعد اكثر من عام من وصول الرئيس اوباما للبيت الابيض والنجاح الكاسح للحزب الديمقراطي حيث حصد الرئيس اوباما وحزبه سلبيات السياسات العدائية لسلطة جورج بوش الابن ، لكن خلال 14 شهرا من حكم الرئيس اوباما لم يحقق اي انجاز لتغيير البوصلة العدائية الشريرة التي حكمت مسار فترتي الرئيس بوش الابن ولم يصدق اوباما في اي وعد من وعوده فيما يخص السياسة الخارجية وبدأ العديد من المعلقين في امريكا يؤكدون ان اوباما ينزلق تدريجيا في تنفيذ النهج البوشي العدائي خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، ومن سوء حظه ان اليهود لا يمنحونه حتى فرصة التظاهر بالانسانية التمسك بالمبادئ والقيم وكل ذلك محرم صهيونيا ، وهو مثلا بدل ان ينتظر اعتذارا من نتنياهو بعد ان اهان نائبه بعث نتنياهو باعتذار غير مباشر بالقول ان الخلاف معه هو خلاف مع اهل البيت وخلاف بين اصدقاء وهكذا خيب اوباما امل العرب والعالم حيث هو مكبل بسياسات سلفه ، ومسير كليا من قبل الصهيونية.

ولاننا امة متحضرة تؤمن بالسلام كقيمة وتعلي القيم الانسانية ، صدقنا نحن وكل قوى الخير في العالم وعود بوش في حملته الانتخابية والبشائر التي اطلقها مع بداية رئاسته وخسر في اشهر كل رصيده الذي حصده ابتداء من مساوئ بوش.

وعندما نقول ان اوباما والحزب الديمقراطي قد حصدوا بذكاء وكفاءة نجاحهم الكاسح من خلال ردود الفعل الشعبية الامريكية الغاضبة والرافضة للسياسات العدائية لادارة بوش المرتكزة على القوة العسكرية وفق نظرية اليمين المحافظ والمتصهين التي تقول: ان القوة هي الحق ولا يقتصر الامر على رفض الشعب الامريكي للحرب الوقائية الاستباقية لان ادارة بوش على مدى 8 سنوات استخدمت ايضا كافة اشكال الضغوط السياسية الخبيثة ، والتطبيقات الاقتصادية الخاطئة على منطقتنا والعالم وما اتصل بها من اختلالات اجتماعية طالت امريكا نفسها ، وما الانهيار المالي مؤخرا الا احد تجليات هذه السياسات ، وليس سرا ان امريكا وبوش سعت الى تعميم نموذج الفوضى الخلاقة. وسعت الى تفكيك المجتمعات في منطقتنا تمهيدا لاعادة تركيبها في اطار مشروع الشرق الاوسط الكبير والجديد ، ولا تكاد المآسي التي احدثتها ادارة بوش الاب تعد او تحصى لانها في جوهرها تعكس الشرور والكراهية والاستكبار ،

ويكفي ان نذكر ان هذه الادارة كانت تحارب فيما تحارب الجهد العالمي لمعالجة الانحباس الحراري والتلوث البيئي الخطر الذي يهدد الكرة الارضية وهو الامر الذي يعتبره الحزب الديمقراطي ممثلا بآل غور اهم التحديات التي تواجهها الانسانية ادارة اوباما حتى اليوم تعيد انتاج تجربة بوش الابن.

اما لماذا كل هذا الاهتمام من اهل منطقتنا باي بوادر تغيير في السياسة الامريكية فلأن امريكا عمليا اصبحت واحدة من رواد المنطقة عبر تواجدها وسلطتها في العراق وافغانستان ، ولذلك اسبتشر العرب بكل حسن نية بالعهد الذي قطعه اوباما على نفسه بان لا تكون امريكا مميزة بقوتها العسكرية او الاقتصادية بافكارها وقيمها.

وكنا والعالم اجمع مع صورة امريكا التي قال اوباما يومها انه يريدها بلد الفكر ومنارة العلم والحضارة والفن وهو يعكس ارادة الشعب الامريكي الرافض لحلم بوش وادارته باعادة انتاج روما امبراطورية جديدة.

يقول المفكر الاوروبي بيتر بيندر في كتابه امريكا الامبراطورية الرومانية الجديدة ما نصه انه عند مقارنة امريكا الجديدة بروما القديمة نلاحظ ان القوى العالمية التي لا يوجد لها منافسون هي فئة منغلقة على نفسها ، فهي لا تقبل ان تكون متساوية مع الاخرين ، وهي سريعة في نداء الاصدقاء والتابعين المخلصين وهي لا تعرف خصوما ، ولكن تعرف متمردين وحسب ، ارهابيين ودولا ضالة ، وهي لا تحارب بل تكتفي بانزال العقاب.

الفرق بين امبراطورية روما وامبراطورية امريكا ان امبراطورية روما انفردت في حكم العالم حوالي 9 قرون بينما لم تستمر امبراطورية امريكا اقل من عقدين من الزمن ، وقد تولدت القناعات مبكرا بتراجع الحلم الامريكي فقبل ثلاث سنوات اصدر ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الامريكي في نيويورك ، واحد اكبر المنظرين الامريكيين ورقة بحثية قبل 3 سنوات اكد فيها نهاية السيطرة الامريكية على العالم ابتداء من تراجع السيطرة على الشرق الاوسط ، ومؤخرا نشر هاس مقالة هامة في مجلة فورين افيرر الامريكية عما يسمى عصر اللا اقطاب مؤكدا ان السمة الرئيسية لعلاقات القرن الواحد والعشرين الدولية تتحول لتصبح لاقطبية اي عالم لا تهيمن عليه دولة او اثنتان او حتى عدة دول وانما عشرات الفاعلين الذين يمتلكون ويمارسون انواعا مختلفة من القوة ، الامر الذي يمثل تحولا بنيويا عن الماضي.

ولعل حاجة امريكا للمشاركة العالمية الواسعة في معالجة الانهيار المالياحد المعطيات العملية التي تؤكد صوابية رؤية ريتشارد هاس.

وقد يكون صحيحا والاستنتاج ان طبيعة العالم الحديث لا تقبل التسلط والانفراد والهيمنة والسيطرة الاحادية ، كما يصح الاستنتاج ان طبيعة امريكا التي قامت على مبدأ المحبة والخير والطيبة والانفتاح والتعددية هي التي انتصرت في الانتخابات وهي تعددية تتمثل فيها كل شعوب العالم بلا تفرقة ، وان تكون نموذجا للاندماج الانساني والتطور.. الخ.

الوجه الحقيقي لامريكا هو ما اراده الشعب الامريكي عبر صناديق الاقتراع بالتصويت الكاسح الحماسي للتغيير وهذا الوجه الحقيقي لامريكا هو ما سبق وعبر عنه وزير الخارجية الامريكي الاسبق كوينسي ادامز عام 1821 حين قال اينما كانت راية الحرية والاستقلال مرفوعة او سوف تكون كذلك سيكون هنالك قلب امريكا وبركاتها وصلواتها لكنها لن تذهب الى الخارج بحثا عن الوحوش كي تدمرهم ، انها تتمنى الخير والحرية والاستقلال للجميع ، انها نصيرة نفسها المدافعة عن نفسها ، فقط سوف تدعم القضية العامة برزانة صوتها وتعاطفها وهي تعرف جيدا انها حين تنضوي تحت شعار غير شعاراتها حتى لو كانت شعارات الاستقلال عن الاجنبي فسوف تورط نفسها بما يتجاوز قوة الخروج من المأزق في كل حروب المصالح والمكائد والجشع الفردي والحسد والطموح والتي تنتقص الوان معايير الحرية وتغتصبها. قد تصبح ديكتاتور العالم ولن تكون بعد ذلك حاكم روحها.

والى حد ما اعتبرت امريكا طوال القرن التاسع عشر والنصف الاول من القرن العشرين كلمات آدمز منارة لسياساتها الخارجية وان كانت هنالك قوى بشرت بالحلم الامبراطوري مبكرا ، لكن في النصف الثاني من القرن الماضي بدأ الافتتان الامريكي بالقوة خاصة بعد سقوط المعسكر الاشتراكي وبروز امريكا كقوة قطبية وحيدة ولعل ذلك يفرض على ادارة اوباما ان تسير على نفس نهج اسلافها الاستعماري الاستكباري وفق ثنائية المشروع الامبراطور الامريكي والمشروع الصهيوني العنصري وكل ما يسود وجه هذا العالم.

 

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات