معركة القدس الفاصلة

تم نشره الجمعة 19 آذار / مارس 2010 05:21 صباحاً
 معركة القدس الفاصلة
د.رحيّل غرايبة

طرأت تغيرات كبيرة على معادلة الصراع مع العدوّ المحتل ملحوظة ومؤثرة وإن تجاهلها المتجاهلون، منذ عام 1948م إلى عام 2010م، فخلال ستة عقود من الزمان جاءت أجيال وذهبت أجيال، وجاءت قوى وذهبت قوى، وجاءت دول جديدة، وأفلت دول وامبراطوريات كبرى.

فعلى صعيد المنطقة التي نعيش فيها لا بد من الاعتراف بالتغيرات الجديدة ومن ثمّ الوقوف عليها والتعامل معها بعلمية وموضوعية وهدوء ورويّة، وبمنطق سياسي حكيم يخلو من المبالغة والتهويل، ويخلو من الإهمال والتهوين في الوقت نفسه، ومن أهم هذه التغييرات المؤثرة: أولاً: إيران، التي أنتجتها الثورة الإيرانية منذ عام 1979م، والتي أدت إلى سحب إيران كأكبر قوة في المنطقة من التحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية و»إسرائيل»، ليس هذا فحسب، بل تصاعدت القوة الإيرانية وتنامت حتى أصبحت على أعتاب امتلاك التكنولوجيا النووية، فضلاً عن القدرة التصنيعية الذاتية على صعيد الصواريخ البعيدة المدى، أو الدبابات أو الطائرات أو البوراج البحرية المقاتلة.

ثانياً: تركيا، التي منذ مجيء حزب العدالة والتنمية تتجه نحو تغير استراتيجي في التحالف مع «إسرائيل» ومؤيديها، فأصبح هذا التحالف يضعف رويداً رويداً، حتى وصل إلى مرحلة القطيعة، فضلاً عن القوة التركية المتزايدة في المجال الاقتصادي، وتنمية علاقاتها مع عمقها العربي والإسلامي، والانتقاد التركي العلني للسياسات الغربية المنحازة «لإسرائيل» في ترسانتها النووية، بينما على عكس ذلك من سعي إيران للحصول على التقنية النووية السلمية، وموقف تركيا الغاضب من الاعتداءات «الإسرائيلية» على الشعب الفلسطيني، وإحياء الروح العثمانية من جديد.

ثالثاً: تطور خط المقاومة، وبروز الحركات السياسية المقاومة في لبنان وفلسطين، مثل قوة حزب الله، التي كبرت ونمت وتطورت وأصبحت تمثل عائقاً مهماً أمام تمدد «إسرائيل» العسكري والسياسي في المنطقة، ليس هذا فحسب بل استطاعت ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني أن تجبر القوات «الإسرائيلية» المحتلة على مغادرة جنوب لبنان في ليلة مظلمة قبل شروق الفجر، تحت مطارق المقاومة اللبنانية الباسلة التي يقودها حزب الله. ولم تستطع «إسرائيل» تحجيم هذه القوة فضلاً عن إنهائها بالقوة.

كما ولدت «حركة حماس» من رحم الانتفاضة التي استثمرت المد الإسلامي ، وأثبتت قدرتها على الثبات والصمود أمام الآلة العسكرية الصهيونية في معركة غزة الباسلة.

رابعاً: تغير الوعي السياسي للشعوب العربية والإسلامية نحو الأفضل، وتفجر المد الإسلامي الكاسح وتطور أداء الحركات الإسلامية السياسي، الذي أصبح يدرك أبعاد المؤامرات الدولية على العالم الإسلامي، ويدرك حقيقة المشروع الصهيوني الغربي، القائم على استراتيجية تفكيك المنطقة وإضعافها، وإشعال الفتن والاضطرابات المذهبية والعرقية والجهوية والإقليمية، من أجل ديمومة ضعف العالم العربي والإسلامي وإبقائه فريسة سهلة بيد الغزاة الأجانب.

هذه التغيرات وتغيرات أخرى كلها تؤشر على أنّ المعركة القادمة مع العدوّ الصهيوني، لن تكون شبيهة بالمعارك السابقة، وأنّ إقدام حكومة «نتن ياهوـ ليبرمان» المتطرفة التي انتهجت منهج تهويد القدس والمقدسات وبناء المستعمرات بغطرسة منقطعة النظير سوف يؤدي إلى معركة فاصلة ولكنها ستكون من حروب النهايات لدولة الاحتلال وزوالها، وأنّ سعي «إسرائيل» لإشعال فتيل حرب المقدسات سوف يكون وبالاً عليها، وسوف تؤدي إلى ثورة عارمة تجتاح المنطقة بأكملها وسوف يؤدي ذلك إلى تداعيات كبيرة وشاملة لا تستثني أحداً، لكن الشيء الواضح والثابت في هذه التغيرات أنّ هزائم العرب لن تتكرر، وسوف يكون الدور الأكبر للشعوب.

Rohileghrb@yahoo.com

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات