بطاقة حب وكرامة...

اليوم, لا اللغة تسعفني ولا الخطابة ولا الشعر, لان دمهم اكبر من البلاغة وابلغ من العبارة, واجمل من كل الصور الشعرية...
من هناك يشع دمهم فيلقي علينا التحية, كي لا ننسى الذكرى في وقت يسهل فيه النسيان, ويعز فيه الوفاء...
اليوم, تحلق العصافير بزهو تردد نشيد الشهداء, ثم تحط فوق اغصان البرتقال والنخيل في بساتين الكرامة, وهي تعي وتحس بأن هذه الارض لها, والربيع لها والاغنية الجميلة لها.
في صباح اليوم, تتجمد حبات الندى فتكسر اجنحة الريح ثم تتساقط فوق الزهور والاشجار في بر الكرامة, لتستقر في الموقع الساخن الذي صنع النشامى فيه من اجسادهم درعا وحصنا ورماحا لحماية الوطن, وحفروا اسماءهم على جذع شجرة اسمها الكرامة, لا تزال صامدة شاهدة على تفاصيل الملحمة والبطولة...
عندما تشرق الشمس وتطلق خيوطها الذهبية باتجاه الاغوار صباح اليوم, ستظهر امام الحقيقة مساحة اسمها الكرامة بكل معانيها حيث سطرنا حروف المجد بدم الشهداء وعمدناه بحرارة الفولاذ المنصهر الذي كان اسمه دبابات اسرائيلية تشبه زواحف من حديد متوحش...
وعلى ضفتي تلك المساحة من الكرامة تفتحت زهرات الدحنون باللون الاحمر القاني الرطب المبلول بندى الصباح المميز, وهي شاهد حي على احداث ذلك النهار, تروي حكايات البطولة والصمود والاستبسال حيث امتزج الدم والهم والمصير, حين التهبت الارض تحت اقدام الغزاة...
الذين يعيشون هناك, او يزورون الكرامة في ذكراها, سينعش التاريخ ذاكرتهم, وربما يسمعون هدير الدبابات التي احترقت, او تهز مشاعرهم آهات وانين الجرحى, او يلتفتون الى حيث صليل السلاح الابيض يرتفع فوق دندنة المزارعين في ترديد نشيد المجد فوق هذه الارض الطيبة التي امتد تاريخها ووعيها وحنينها منذ الفتوحات الاسلامية حتى ساعة الخلود...
صباح اليوم تستيقظ ساحة المواجهة باكرا في قمة تجلياتها وتماهيها مع لحظة انصهار عزم الارادة بصلابة الصمود في اعادة انتاج المشهد الذي يراودنا دائما كي لاننسى يوما اعدنا فيه كتابة التاريخ الموشح بنكهة الانتصار والكرامة, بعد هزيمة عربية مدوية...
من حقنا اليوم ان نقطف زهرات الدحنون ونقدمها بطاقة حب وتقدير وتكريم لأم الشهيد وزوجة الشهيد واخت الشهيد في عيدها الذي اصبح عيدين في ذكرى البطولة التي تحملها الينا اول هبة من نسمات الربيع الدافئة المشبعة بالنصر والمجد في ارض الكرامة...0
Kawash.m@gmail.com