مؤسسات المجتمع المدني .. وقفة 2
المدينة نيوز- لم نكن نعلم عندما كتبنا قبل اسبوع في هذه الزاوية عن ما يسمى «مؤسسات المجتمع المدني» المترزقة على التمويل الاجنبي, اننا نحارب البعض في لقمة عيشهم, ولم نكن منكرين وجود مؤسسات مجتمع مدني وطنية أردنية فاعلة ومحترمة تحب الوطن وتناضل من اجل رفعته ورقيّه, ونعرف ان من هذه المؤسسات الأحزاب والنقابات والجمعيات, والمركز الوطني لحقوق الإنسان, وغيرها من منظمات شعبية تجتهد في مصلحة الوطن.
وإننا لا نجامل في تحديد وجهة معركتنا السياسية التي نخوضها بكل شرف وأمانة, حتى لو نعتنا باننا «أقلام ديماغوجية» وقوى شد عكسي وإننا ندري ونعرف اين كان هؤلاء «الاصلاحيون « عندما كان هامش الحريات في البلد محدودا وضيقا , وأيام ان كانت الصحف تغلق بقرار حكومي محصن , اذا نشرت ما يعجب الحكومة.
نعم , نعلم اين كانوا , وممن كانوا يقبضون , وما هي الاجهزة والتنظيمات الخارجية « ذات الافكار الشمولية غير المؤمنة بالتعدد» التي كانوا في خدمتها بل كانوا يستخذون امامها لقاء الدولارات التي يقبضونها منها ! وبعد ان جف الضرع , وتوقف الدفع, واصبح هؤلاء مستهلكين وانكشف زيفهم, ولم يعد بهم اية ثقة لهذه الأجهزة والتنظيمات , نقلوا البندقية الى الكتف الأخر وجاءوا هنا الى الحضن الدافئ, مستغلين مساحة الحرية, وفضاء الديمقراطية الرحب, عندما بدأت الدولة الأردنية بالتخلص من حقبة الأحكام العرفية والأوضاع الاستثنائية, وابتدأت بمسيرة ديمقراطية تتماهى مع توجه العالم نحو التعدد بعد ان ثبت عجز الأنظمة الشمولية عن التطور وسقطت الكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي انذاك في نهاية الثمانينات من القرن المنصرم , جاء هؤلاء «القبيضة والمرتزقة» والمعتادون على هذه الطريقة ليعلمونا كيف هي الديمقراطية وكيف هي الحرية التي كانوا يساهمون في وأدها ودفنها , عندما كانوا مع الشمولية , وانقلبوا «أسيادا في الجاهلية, الى أسياد في الاسلام» وفتحوا دكاكين أسموها زورا «مراكز ابحاث وتطوير وإصلاح» وأسموها بهتانا «مؤسسات مجتمع مدني» وهي دكاكين للتسول والارتزاق .
ان مركب الاصلاح والتحديث في الوطن لم يتوقف , ولن يتوقف والكل يعرف ان من يقود الاصلاح هو ملك البلاد وشعب الملك, وليس حفنة من المرتزقة, اعتادوا على القبض مقابل التنظير والندوات الخالية من المضمون والنتائج , في كل الازمنة على اختلافها وتناقضها .
ان معركتنا محددة باتجاه هؤلاء المرتزقة الذين يستعينون علينا وعلى بلدنا بالأجنبي ودولاراته , ويطلقون على نفسهم زورا انهم مؤسسات مجتمع مدني وهم الذين ما انفكوا يشحنون الناس بأرذل المفاهيم الاقليمية والتعصبية ويعبثون بوحدتنا الوطنية المقدسة, ويجاهرون باقليميتهم وتعصبهم من خلال مفهوم « الحقوق المنقوصة» الهزيل! أليس في مفهوم الحقوق المنقوصة الذي ينظر له هؤلاء وأسيادهم الأجانب محاولة خبيثة لدعوة الفلسطينيين للتخلي عن الحقوق الأساسية والوطنية التي سلبها ويحاول طمسها العدو الصهيوني! مرة اخرى أطالب الحكومة بأخذ دورها في حمايتنا وحماية البلد من هذه المؤسسات المشبوهة, والإيعاز لجهات الرقابة لمراقبة موازناتها وتمويلها وأطالب ديوان المحاسبة الذي نحترم ان يراقب هذه الأموال حيث سمعنا انها مسجلة «كجمعيات غير ربحية» وليس دفاعا عن أنفسنا, ولكننا دوما مع الإصلاح ومع التغيير نحو الأفضل, شريطة ان يكون نابعا من الداخل, فلم يعدم الاردن نساء ورجالا قادرين على التغيير , واستخلاص الأفكار الايجابية التي من شأنها مصلحة الوطن, وأهل مكة ادرى بشعابها .
وإننا إذ نتشرف بأننا قوى شد عكسي ضد من يعتاشون على حساب كرامة وسمعة وطننا وقد قرأنا لأحدهم كيف يتزاحم «هؤلاء « على التمويل الأجنبي بعد ان شحت موارد هذا التمويل, وازداد المتزاحمون منهم على الرضوخ لاشتراطات الجهات المانحة للإثراء غير المشروع .
واذا كانوا صادقين فليعلنوا موازناتهم على الملأ في صحفنا المحلية , وأوجه صرف المبالغ , والا فلتأخذ الحكومة ومؤسساتها ودائرة مكافحة الفساد دورها لما يجري .
