أول انتصار داخلي لأوباما

المدينة نيوز - أخيرا حقق أوباما بندا رئيسيا في برنامجه، وهو توسيع مظلّة التأمين الصحّي إلى جميع الأميركيين تقريبا، حتّى إن عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ وصفه بإعلان القرن الحادي والعشرين للحقوق المدنية. وأمكن للرئيس الذي رفع شعار “التغيير” في حملته الانتخابية أن يقول الآن هذا شيء يشبه التغيير الذي تحدثنا عنه.
قبل شهرين بدا أن المشروع غير قابل للتمرير، ويكاد يوضع على الرف وأن الإدارة تعيش حالة من الوهن وعاجزة عن تحقيق وعودها الانتخابية. وأعطت استطلاعات الرأي مؤشرات على تراجع قوي في شعبية الرئيس، وفي الأوساط المعنية بقضية الشرق الأوسط. قيل أيضا عن دور اللوبي اليهودي في عرقلة مشروع التأمين الصحّي للضغط على الرئيس المندفع بمواقف إيجابية لوقف الاستيطان واستئناف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.
لكن الحقيقة أن المشروع بذاته كان موضع انقسام داخلي شامل، وجاء الفوز عبر مخاض صعب، وحصل في التصويت في الكونجرس على 219 صوتا مقابل 212 صوتا، وعارض القرارجميع الجمهوريين وأكثر من 30 عضوا ديمقراطيا، وكانت تتناهى من الخارج أثناء التصويت أصوات هتافات ضدّ المشروع. والحقيقة أن هذا كان مشروعا قديما للديمقراطيين وتعهدت به إدارة كلينتون، وجعلته هيلاري زوجة الرئيس قضيتها الكبرى، ومع ذلك فشلت الإدارة في حمل الكونغرس على الأخذ به.
لكن لماذا هذا الانقسام الحادّ والمعارضة العنيفة للمشروع؟ في الخلفية توجد تناقضات اجتماعية عميقة؛ فالطبقة الوسطى من الأميركيين البيض التي تدفع كلفة عالية للتأمين الصحّي تعتقد أنها سوف تتحمل كلفة الرعاية الصحيّة للسود والمهاجرين والمتعطلين والكسالى . .الخ، ووجهت اتهامات إلى أوباما بأنه يخفي أجندة اشتراكية لبلد الرأسمالية الأول في العالم، ولا بدّ أن شركات التأمين التي يتناولها المشروع أيضا بهدف تخفيض الكلفة وتحسين الخدمة، كان لها دور في المقاومة الشرسة، ويدور جدل حول كلفة التأمين الصحّي للمهاجرين وخصوصا غير الشرعيين وينوف عددهم على 12 مليونا. وفي تكساس تقول إحصاءات الولاية إن بليونا و300 مليون أنفقت على علاج المهاجرين غير الشرعيين عام 2006.
هناك 47 مليون أميركي أو 14 % من المواطنين لا يتمتعون بأي نوع من التأمين الصحي. والمشروع سوف يغطي 32 مليون مواطن آخر، وتفوق كلفته 900 بليون في 10 سنوات. ومع أن أوباما يستطيع الآن أن يقول إنه طبق شيئا من برنامجه الانتخابي، لكن ليس بالضرورة أن يحقق مكاسب سياسية من وراءه، بل هناك توقعات بتأثير سلبي على الديمقراطيين في الانتخابات الفرعية والمحلية المقبلة. الجمهوريون يظهرون غضبا شديدا، ووعد ماكين أمس في البرنامج الصباحي “صباح الخير أميركا”، بمواجهة المشروع في كل مكان يقدرون عليه.
جميل النمري