التوائم الألداء!

المدينة نيوز - حتى الحيوانات ، تعضُّ بعضها ، ومنها ما يأكل أبناء جنسه ويفقد بوصلته الغريزية اذا وضعت في ظروف شاذة ، وهذا ما اثبته علماء من طراز آردري في تجارب اجريت على القردة التي تغيرت بيئتها الطبيعية ، وفي حدائق الحيوان حيث بدت علامات الانحراف على الحيوانات البرية التي سجنت في اقفاص ، والبشر بما فطروا عليه وما تعلموه وورثوه وبكل ما تراكم لديهم من خبرات اولى بمثل هذه التغيرات ، التي لا تلوث الفطرة فقط بل تمتد الى الدماغ والوعي.
وفي العالم الذي صنّف مجازا بالعالم الثالث رغم انه قد يكون العاشر بمقياس غير اقتصادي ثمة مليارات البشر ممن اصابهم العطب في الصميم من العقل والجسد والخيال وحده قد يتيح لنا ان نتصور كيف يعيش ملايين البشر في المقابر ، واطفالهم مهودهم من قبور دارسة ، والخيال وحده ايضا ما يعيننا كي نتصور اشتباك الاطفال في بعض البلدان الاشد فقرا مع القطط والكلاب على حاويات القمامة ، بحيث يفقد بعضهم اعضاءه في هذا الاشتباك بما يضيف بعدا رمزيا الى هذا العقم وتجفيف منابع الاخصاب،.
لقد كتب علماء اجتماع من العرب الكثير عن هذه الذات الجريحة وهذه السايكولوجية الملتاثة والملتاعة معا. لكن كم هو عدد العرب الفقراء وضحايا هذه الحقبة القصديرية الذين قرأوا د. حامد عمار ود. صادق العظم ود. علي الوردي ود. حليم بركات ود. علي زيعور الى اخر القائمة. ما يحدث في عالمنا العربي هو ان الاصحاء والمعافين هم الذين يقرأون عن اوبئة الفقراء يكي ينوبوا عنهم حتى في تعاطي العلاج.
اما من يثرثرون طيلة الوقت عما المّ بالعرب وغيّر احوالهم وأفسد فطرتهم وجعلهم اخوة اعداء وتوائم ألًدّاء فهم نادرا ما يتذكرون الاسباب لهذا يبقى التوصيف هو السائد على حساب التحليل ، ويغيب عن هؤلاء الوعاظ ايضا بان المجتمعات في كل الازمنة تستحق من تفرزهم سواء كانوا ابطالا او خونة ، مجرمين او قضاة ، اميين او متعلمين ، لهذا فالشرور ليست نبتا شيطانيا مجهول النسب ، وكذلك الفساد وشتى انماط الشذوذ والانحرافات.
ان نظرة حتى لو كانت سياحية او افقية عابرة لتضاريس مجتمعاتنا العربية المعاصرة تكفي لإبطال العجب ، لان السبب اوضح من شمس حزيران لكن ما يغطيها هو غيمة من غبار ودخان ، حتى نتاج هذا الزفير الذي لا يسبقه ولا يتبعه شهيق ، فالاكسجين اصبح نادرا ، والاكاسيد على اختلاف درجاتها من الاول حتى العاشر جعلت عدوى التصحر تنتقل وبائيا من الارض الى الدّماغ.
كيف ينتظر الورد من يزرع البامياء؟ وكيف ينتظر العسل من يعلف الذباب والبعوض بالسكر المطحون؟.
اسئلة لا آخر لها تتناسل في ذاكرة مثقبة كالغربال ، وما من اجابة ، لاننا حولنا بسبب فائض الاحتراز والرعب اشد الخطوط اخضرارا الى خطوط حمراء ، وما كان ذات ربيع عربي خاطف من البديهيات اصبح الآن من اللوغريتمات،.
ما هكذا تورد الابل وما هكذا تحلب الماعز ، لهذا ما من مطر او حليب يجمع في غربال،،.