اثرياء حقوق الانسان

المدينة نيوز - يقال عادة, اثرياء الحرب, اثرياء غسيل العملة, اثرياء الفساد, اثرياء البورصات, اثرياء العقارات وتجارة الاراضي, اثرياء المافيات, اثرياء العمولات السرية, اثرياء المخدرات.. الخ. اما ان تصبح حقوق الانسان وحرية وحماية الصحافة والنساء والبيئة وحقوق الطفل ومراكز الدراسات الخاصة والشفافية وتعليم الانتخابات البرلمانية والبلدية وغيرها, مادة للثراء مثل اثرياء الحرب والمخدرات وتجارة الاسلحة السرية, فهذا هو الامر المدهش حيث اعتقدنا لوقت طويل ان كل شيء يمكن ان يتحول الى بضائع الا الانسان وحقه في الحياة والكلام والتعبير والمشاركة الديمقراطية.
واذا كانت الاصوات التي ارتفعت مبكرا ضد ذلك في كل الوطن العربي واشرت بأصابع الاتهام وحذرت من تحويل حقوق الانسان الى بضاعة عند بقايا اليسار الانتهازي الذي تحول من مديح الظل العالي الاشتراكي الى مديح الليبرالية الامريكية المزعومة. اذا كانت هذه الاصوات انذاك اكتفت بالتحذير النظري فان واقع المشرفين على نشاطات ومراكز حقوق الانسان تؤكد هذا التحذير ومن دون ادنى لبس هذه المرة.
فما جرى باسم حقوق الانسان في اكثر من بلد عربي لم يكن اكثر من غطاء لثراء غير مشروع حَوّل كثيرا من المعدمين الفقراء من بقايا اليسار الانتهازي الى اثرياء جدد يشاطرون اثرياء الاستبداد والمخدرات والمافيات فسادهم وحياتهم المترفة على حساب البلاد والعباد ومن دون ان يبذلوا في ذلك قطرة عرق شريفة واحدة.
اما اذا كان ما نكتبه دائما حول ذلك نوعا من (حسد النجاح) فيا له من نجاح ذلك الذي نقلهم من بيوت فقيرة وسيارات مهرهرة الى نادي الاثرياء باسم المقهورين والفقراء والعمال والفلاحين والنساء المكدودات.. ويا لي من حاسد لئيم لم امد يدي الى صناديق دعم الديمقراطية الالمانية خاصة اديناور وناومان اصدقاء الحركة الصهيونية, او صندوق (نيد) المرتبط بالمخابرات الامريكية.0