الشرف لا يقبل القسمة

المدينة نيوز - الشرف هو الشرف, قيمة معيارية اخلاقية لا تقبل القسمة عموما وعلى اثنين خصوصا, فلا يمكن لشخص يفرط في شرفه الشخصي ان يتمسك بالشرف الوطني, ولا يمكن لشخص يفرط في شرفه الوطني ان يغار على شرفه الشخصي وتأخذه الحمية في هذا الموضوع العائلي او ذاك.
فمن يوافق على التفريط بالشرف الوطني ويحول العدو الى صديق أو حليف بدعوى ميزان القوى يوافق بالضرورة على التفريط بشرفه الشخصي, وليس بلا معنى ما قالته العرب: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها, ولا يسلم الشرف الرفيع من الأذى اذا لم يراق على جوانبه الدم..
واذا كان كل ما سبق مستمدا من قاعدة اخلاقية شخصية ووطنية عامة, فإن الأخطر في تبرير وتسويغ قلة الشرف, هو ما يصدر اليوم عن بعض المثقفين المتحدرين من أوساط انتهازية وخاصة بعد الانهيار السوفييتي 1990 والتغول الامريكي الرأسمالي المتوحش على العالم.
فعلى مدار العقدين الاخيرين ازدهرت ثقافة الحط من المفاهيم المعيارية التي جرى خلطها بتأويلات مطلقة للايديولوجيا, وصارت الايديولوجيات, على اطلاقها, ومعها الثقافة المعيارية والاخلاق عموما مرادفة للبيروقراطية الشمولية واللغة الخشبية.. الخ وكان السلاح الرئيسي الذي استخدمته الاوساط الليبرالية والانتهازية هو الوضعية الامريكية وفلاسفتها المشهورون مثل جون ديوي ووليم جيمس الذين استبدلوا العقلانية النقدية بالبراجماتية وأسسوا بذلك لاستبدال الأحزاب والتيارات العقائدية بما سمي بالأحزاب والتيارات البرامجية.
ومن هذه الفلسفة بالذات انطلقت اقذر معركة فكرية ضد كل ما هو معياري وقيمي (من قيم) وصارت المنفعة الرخيصة معيار كل شيء, من التكتيكات السياسية الانتهازية الى السخرية من المعايير الاخلاقية, حيث نالت قيمة الشرف الحصة الكبرى من هذه الهجمة.
ولم تكن مطابخ اليهودية العالمية بعيدة عن هذه الهجمة التي استهدفت تحطيم الشرف الوطني والشخصي كقيمة معيقة امام التمدد الصهيوني .