مواطنة كاملة وليس محاصصة

المدينة نيوز - دول أوروبية عديدة حصل فيها لاجئون فلسطينيون على جنسياتها وأصبحوا مواطنين بذات السوية من الحقوق والواجبات مع غيرهم من المواطنين الأصليين أو المهاجرين مثلهم.
ومن هؤلاء من استطاع المشاركة في انتخابات تلك الدول البلدية والنيابية، وتمكن من الفوز أيضاً، ولم نسمع قط عن محاصصة في المقاعد، أو عن طعن في عضوية فائز بسبب أصوله أو تشكيك فيه من أي نوع.
فالمواطن في تلك الدول هو مواطن كامل الأوصاف، وليس محجوراً عليه أيا كانت أصوله ومنابته، وهذه المواطنة الكاملة لا تلغي معها حقوقه في مواطنته الأصلية والتفاعل معها، بما في ذلك المحافظة على الخصوصية والعادات والتقاليد، وتعلم اللغة الأصلية، والتعامل بها فيما بينهم، وحتى إنشاء المدارس والأماكن الدينية، وإقامة الحفلات والأعراس الفلكورية الخاصة بهم، وتجري في كل ذلك وغيره مشاركات ودعوات متبادلة، وليس في الأمر ما يثير هواجس من أي نوع في مثل هذه الدول إن كان على شكل النظم السياسية فيها أو على النظام العام لها، ومجمل الثقافة السائدة والخاصة لها، بما في ذلك اللغة والوضع السياسي والاقتصادي ومجمل الأنماط الاجتماعية والعادات والتقاليد الأصلية.
غير أن الأهم في كل الأحوال يظل بما يتعلق بالحقوق السياسية المتساوية بين كل المواطنين أيا كانت أصولهم، دون وجود مخاوف من أي طرف بالانتقاص، أو الشعور بالتوطين والوطن البديل وإلغاء الهوية الوطنية الأصلية، ومن جهة أخرى من طغيانها أو تبنيها واتساع دائرة انتشارها.
وبطبيعة الحال لم تسن القوانين الانتخابية في تلك الدول على أساس وجود حقوق للمواطنين المهاجرين، وإنما على أساس المساواة بالمواطنة والحق العام فيها، ما يعني إتاحة المشاركة لكل المواطنين على قدم المساواة، وأسس العدالة الرقمية للدوائر إعداد السكان بشكل عام.
ولو أنه صدف وجود أغلبية في دائرة ما من المواطنين المهاجرين، فإن الأمر لن يغير شيئا من حيث عدد المقاعد المعتمدة وعلى ذات السوية في الدوائر الأخرى.
وفي المجمل يمكن القول إن ما يحكم كل المواطنين في تلك الدول هو الدستور والقوانين النافذة، ونجاح مواطن من أصول مهاجرة لا يغير ولا يبدل من الحال العام أبداً، إن كان في انتخابات البلديات أو المجالس أو البرلمانات، وحتى رئاسة الدولة نفسها أيضاً.
والأمر يعني أننا لا نحتاج إلى قوانين هدفها تنظيم التمثيل للمواطنين حسب أصولهم ومنابتهم، وإنما اعتبار كل الأردنيين متساوين بالحقوق والواجبات، وأن تمثيلهم بالبلديات والبرلمان يتم على هذا الأساس فقط، دون اعتبار للتجمعات على أساس أصولها ومنابتها، وإنما على أساس مواطنتها الكاملة التي لا تعني التوطين والوطن البديل وكما هو الحال في أي مكان يمارس فيه المواطن المهاجر حقوقه الكاملة دون الغاء لهويته الوطنية الأصلية وممارستها، لكن ليس على حساب واجباته للجنسية التي يتمتع بها.
أما غير ذلك، فإن الأفضل الإبقاء على صفة اللاجئين وحقهم بالحياة دون حقوق سياسية إلا في إطار هويتهم الفلسطينية من أجل فلسطين، كما هو حال اللاجئين العراقيين في الأردن، إن كانوا من المواليين للسلطة أو المقاومين لها، وبالتالي اتخاذ ما يلزم من أجل ذلك، بدل الاستمرار في قصة "قديش نعطيهم".