كشف المستور

تم نشره الأحد 04 نيسان / أبريل 2010 02:50 صباحاً
كشف المستور
خيري منصور

بعد ان قرأت كتاب د. جلال امين "ما الذي حدث للمصريين" ، والذي اثار جدلا في اوساط المثقفين ، اقترحت عليه عقد مؤتمر للمثقفين العرب الاحرار إن وجدوا يشبه الى حد كبير ذلك المؤتمر الذي تخيله عبدالرحمن الكواكبي في كتابه ام القرى ، بحيث يتقدم من كل اقطار عالمنا مثقفوه واكاديميوه بأوراق تحت العنوان ذاته ، لكن يتناول كل منهم ما حدث للناس في بلاده من الخليج الى المحيط ، لعل حاصل جمع هذه الاوراق يؤدي الى معرفة ما الذي جرى لنا جميعا بعد ان استطالت الدوائر واستدارت المربعات ، واصبح الشكل الوحيد السائد هو شبه المنحرف.

استطرف د. امين الفكرة ، لكنه سرعان ما تمنى لو انها تتحقق لانه يعرف جيدا ما الذي حدث لمجتمعه الذي يعيش فيه ويكدح من اجل التنوير الذي بدونه سنبقى جميعا عميان ويبقى البقر كله اسود في هذا الليل الطويل كما قال الفيلسوف هيجل.

فهل يتجرأ المثقفون العرب الذين يهربون الى التجريد والتعميم واحيانا تعويم القضايا طلبا للنجاة في افتضاح ما جرى لمجتمعاتهم خلال العقود الخمسة او الستة الماضية ، وهي بكل المقاييس عقود عجاف ، جفّ فيها الضرع وزحف الاسمنت على الزرع ، واستنسرت بغاث الطير ، ونسيت الخيول الصهيل لان اللجام بتر اللسان وملأ الفم بالدم،.

كل مثقف هو الادرى بشعاب بلاده ، ولو اقسم بشرف مهنته وواصل البوح والاعتراف لكنا في غنى عن هذه الاطنان من الورق الاصم ، والكلام المكرور الذي لا يفعل شيئا سوى تعكير صفاء الصّمت،.

ان ما جرى ليس نتيجة زلازل وبراكين او طوفان ، انه من افراز تحولات سياسية ذات جذور اجتماعية ، وما حدث لنا جميعا هو نتاج تربويات سامة ، وثقافة مشحونة بالخوف والتردد والنميمة ، اضافة الى ما تبدل من انماط الانتاج في الاقتصاد وما احدثته الهجرات من خلخلة اجتماعية ، فلا الطبقات طبقات ، ولا الاعراف بقيت على ما كانت عليه من نفوذ بحيث صار العربي المعاصر والتائه اشبه بالغراب الذي لم يفقد المشيتين فقط بل فقد صوته ايضا لانه حاول الهديل مقلدا الحمام فنسي النعيق وصمت،.

ان مؤتمرا قوميا من هذا الطراز قد لا يجد من ينفق عليه فلسا واحدا ، ولن يجد جهة تستضيفه ، لكنه لا يستثني طرفا ، بعكس المؤتمرات الاخرى التي تكرس الراهن وتورطه بمزيد من الارتهان ، لانها تكافأ على شهادات الزور وعلى قول كل شيء كي لا تقول شيئا مفهوما او محددا.. فهل يعقد مؤتمر كهذا في عرض البحر كما فعل الراحل جبرا ابراهيم جبرا في روايته السفينة لانه لم يجد شبرا واحدا على اليابسة يحتمل ما يدور فيها ومن يدري؟ قد تتطوع واشنطن او لندن وربما كوبنهاجن لاستضافة هذا المؤتمر لسبب استشراقي واحد.. هو افهام العرب بان ما جرى لهم كان بسبب خروجهم عن بيت الطاعة الكولونيالي ، ولأنهم لا يكتبون بالحرف اللاتيني او لأنهم لم يستأصلوا حتى الآن المآذن عن مساجدهم،.

لهذا نتمنى ان لا يسارع سماسرة التبعية ، ووكلاء العولمة بمعناها الوحيد الذي يفهمونه وهو الامركة الى الاستيلاء على هذه الفكرة من اجل مصادرتها.. لانه هؤلاء هم احد اسباب ما جرى لنا من المحيط الى الخليج او من الدمع الى الدم،،.
 
(الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات