ثمن الدولة!!
تم نشره الثلاثاء 06 نيسان / أبريل 2010 05:05 صباحاً

خيري منصور
ما من بورصة او حاسوب لتحديد اثمان الدول ، لكن ما قيل حتى الآن وبمختلف لغات العالم وحواسيبه عن الدولة الفلسطينية الموعودة يدفعنا الى وقفة مطولة لاحصاء ما نزف من الدم وما سال من الدمع والعرق ، في المهاجر والمنافي الحارة والباردة والمعتدلة ، انه يكفي ثمنا لدولة بسعة امبراطورية ، لكن الثمن المدفوع لهذه الدولة لا يعترف به احد غير الذين دفعوا الثمن ، وما يقدمع لهم الآن هو كسر عشري من رقم فلكي ، ورغم ان الفلسطينيين رضوا بالبين الصهيوني ، الا ان هذا البين لم يرض بهم ، لان من اصابتهم القوة المستعارة لا الاصيلة بالعمى ، لا يرون غير ذلك الفراغ الاسود والسحيق الذي يملأ صدورهم،.
لقد سبق وان قال لهم ادوارد سعيد: عيلكم ان تصدقوا الحقيقة الفيزيائية والفسيولوجية التي امامكم اكثر مما تصدقون الخرافة التي ارضعتموها كدمية القش بدم الاخرين ، فما من احد الآن يشارككم الخرافة ، او ان الارض كانت بلا اصحاب ، فمن اين جاء هؤلاء الملايين العشرة او اكثر خلال ستت عقود؟. هل هم نبت شيطاني ام هبطوا عليكم من المريخ؟.
لقد دفع الفلسطينيون منذ وعد بلفور على الاقل حتى وعد اوباما اضعاف الثمن الذي يطلبه التاريخ لدويلة ، يراد لها ان لا تكون قابلة للحياة مقطعة الاوصال وقراها ومدنها تحولت الى ثآليل تحاصرها خيوط الشبكة العنكبوتية للاستيطان، وان العالم كله الآن ليعجب من هذا الزواج الباطل بين الخرافة والتاريخ ، وبين ادبيات العصابة وثقافة الدولة ، وما ترفضه اسرائيل الآن هو الطلاق بين زوجين ليس بينهما اي تكافؤ ، هما التاريخ والجغرافيا ، اللذان لم ينجبا بعد ستين عاما غير المستوطن الذي لا يقبل بأية كيمياء احتلالية ان يتحول الى مواطن.
لماذا لا يقول الفلسطينيون بمختلف لغات العالم لأوباما وسائر الغرب المسؤول عن اكبر خطيئة تاريخية في القرن العشرين كما وصفها المؤرخ ارنولد توينبي ، لقد رضينا بهذا البين ولم يرض بنا؟ ولا نعرف ما الذي حدث للضحية بحيث اصبحت تراوح بين الخرس وخفوت الانين ، رغم انها تملك من اسباب الصراخ والاستغاثة ما يصل الى القمر.
ان القسمة التي تتولاها الحواسيب الذكية والهيئات الدولية والرباعية والسداسية والثمانية سبق لشاعر عربي ان انجزها ببصيرة قومية ، هو السّياب الذي قال: هذا لكل اللاجئين
وكل هذا لليهود؟
لكن يبدو للدم ايضا قوة شرائية فهو بالنسبة للعرب دم بالعملة المحلية المتدنية بسبب التضخم الديمغرافي لكنه مغطى بالذهب والماس بالنسبة للدم الآخر مما جعل ساقا مبتورة لجندي تعادل كتيبة او اسيرا يعادل قطاعا؟.
قد لا تكون هذه الدراما الفلسطينية هي الاولى في تاريخ الغزو والاستيطان ومحاولة حذف السكان الاصليين ، لكنها الاولى من حيث التأقلم مع الامر الواقع ، فالنّمر في قصة لزكريا تامر صدق بعد عشرة ايام من التهام العشب والسير في القطيع بانه مجرد خروف،.
الدستور
الدستور