زار الأردن مؤخراً رئيس صندوق النقد الدولي، واستقبل بحفاوة في الديوان الملكي ورئاسة الوزراء ووزارة المالية والبنك المركزي، وأجرى نقاشات موسعة مع المسؤولين حول الاقتصاد الأردني والسياسات المالية والنقدية.
نجاح تجربة ربط الدينار بالدولار المطبقة منذ 15 عاماً أرغمت الصندوق على الاعتراف بأن هذا الربط خدم الاقتصاد الأردني. وبذلك يكون رئيس الصندوق قد تراجع عن الاقتراحات والتلميحات السابقة التي كانت توصي بسعر صرف أكثر مرونة.
وانخفاض مديونية الأردن بالعملة الأجنبية بالأرقام المطلقة والنسبية، الذي رافقه ارتفاع في احتياطيات العملة الأجنبية لدى المركزي، أرغم الصندوق على الاعتراف بعدم حاجة الأردن لبرنامج تصحيح اقتصادي جديد يشرف عليه صندوق النقد الدولي.
ولم يكن الأردن بحاجة لمن يبشره بتجاوز آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، فالمؤشرات الاقتصادية والمالية تؤكد أن الاقتصاد الأردني تعافى واستأنف النمو بنسب جيدة، وأن الأزمة أصبحت وراءه.
كذلك أدرك الصندوق أن سياسة تخفيض سعر الفائدة على الدينار وصلت إلى نقطة النهاية. ومن المستبعد أن يقرر البنك المركزي بعد الآن تخفيضاً آخر للفوائد، لأن التضخم أطل برأسه، وبلغ 4ر4% خلال الربع الأول من السنة، والاتجاه مؤكد للمزيد خاصة مع ارتفاع أسعار البترول.
تفسير رئيس الصندوق لارتفاع نسبة البطالة في الأردن جانبه التوفيق، فهو يعتقد أن البطالة تعود لكون مخرجات التعليم لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل. وهذا خطأ فادح، فهل المقصود أن تقلل الجامعات الأردنية من تدريس الطب والهندسة والصيدلة والقانون والعلوم والآداب والمحاسبة، وتتوسع في إنتاج عمال النظافة وعمال البناء وعمال الزراعة!!.
التركيبة الاجتماعية والاقتصادية للأردن والمنطقة هي التي دعت لتخريج أصحاب مهن عالية، لأن سوق العمل بالنسبة لهؤلاء أوسع بكثير من الأردن. وهي التي دعت لاستيراد عمالة وافدة رخيصة. وهي نتيجة طبيعية لانفتاح الأردن على الاقتصاديات العربية والتكامل معها. ويبقى هناك عدم توازن معترف به بين شح الموارد الطبيعية وكثافة السكان.
ملاحظة أخيرة فقد عودنا الصندوق أن يكون إيجابياً للغاية في المؤتمرات الصحفية العلنية، وأن يوفر انتقاداته لتقديمها للمسؤولين وراء الأبواب المغلقة، فهل كان هذا شأنه هذه المرة، وهل قال أشياء ليست للنشر حول عجز الموازنة وارتفاع المديونية، مما تعرفه الحكومة جيداً دون حاجة لتذكيرها به.
الراي
ملاحظات الصندوق !
تم نشره الخميس 08 نيسان / أبريل 2010 04:18 صباحاً

د. فهد الفانك