نريد تلاحماً وطنياً بلا هواجس

تم نشره الخميس 08 نيسان / أبريل 2010 04:35 صباحاً
نريد تلاحماً وطنياً بلا هواجس
م. سمير حباشنة

(1)

للمشروع الصهيوني الذي يقوم على الاحتلال والاستيطان والتهجير ، متلازمة لا تقل أهمية عما سبق ، وهي العمل الصهيوني الدؤوب على تحويل وجهة ومضمون الصراع من شكله الطبيعي كصراع عربي فلسطيني من جهة ، وصهيوني من جهة اخرى ، الى ان يصبح صراعا عربيا - عربيا.

وقد نجحت اسرائيل مؤخراً في خلق صراع عميق داخل البيت الفلسطيني ، بحيث أصبحت لدينا تحت الاحتلال حكومتان فلسطينيتان بجغرافيتين منفصلتين ايضا،.

وأخال ان اسرائيل تسعى جاهدة ، الى ان تنقل الصراع من داخل الجغرافيا الفلسطينية ، الى الدول العربية المجاورة ، ولنا في العراق خير مثل ، حيث المحاصصة الطائفية والعرقية التي يبرز بها الفعل الاسرائيلي بقوة. ولا أبرئ اسرائيل من محاولات جر الشقيقة الكبرى مصر ، الى صراع ديني ، كما لم تكن اسرائيل بريئة من ذاك التناحر الدموي الطويل الذي عاشه لبنان الشقيق.

وفي ذات السياق: فانني أخشى كما يخشى الكثيرون ، من ان اسرائيل تسعى الى ايجاد صراع من هذا النوع في الاردن ، بتقسيم شعبنا الواحد المتلاحم ، وفق اصول غربية وشرقية ، وما ما طرح في الكنيست في تموز من العام الماضي باعتبار "ان فلسطين هي الاردن" الا تمرين حيوي يحمل هذه الدلالة ، بل ان مقولة "الوطن البديل" او الدور الامني الاردني في الضفة الغربية ، ما هي الا شرارات تحاول اشعال حريق من نوع خاص في الاردن،.

ومع الأسف: فاننا نرى مروجين لهذا الفكر الصهيوني التدميري ، هنا بين ظهرانينا ، تحت شعارات "حقوق منقوصة" او "محاصصة برلمانية - حكومية" او "تجنيس أبناء قطاع غزة وحملة وثائق السفر الاردنية الخاصة بالفلسطينيين" ، والتي يعبر عنها بالسموم التي تنفثها بعض مراكز البحث الممولة من الخارج ، او عبر بعض الفضائيات ، والتي إن شاهدها مراقب لا يعرف الاردن ، فانه يتصور بأن الفلسطينيين في الاردن محتجزون في معسكرات اعتقال،،.

(2)

وهنا أطرح السؤال التقليدي ، ما العمل؟.

يؤكد جلالة الملك ان "الوطن البديل" مرفوض اردنياً وفلسطينياً ، واصفاً اياه بالانتحار السياسي ، باعتباره تصفية للقضية الفلسطينية واعفاء لاسرائيل من استحقاقات السلام العادل والشامل ، بل ويرفض الملك بوضوح وقوة ، أي امكانية لدور أمني اردني في الضفة الغربية ، وغيره من المواقف الواضحة والممتلئة بالوطنية وبالحرص على ثوابت الدولة الاردنية ومنعتها وعلى الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني على ترابه الوطني.

علينا جميعاً وخصوصا القوى السياسية أن نقول للعالم ولاسرائيل ، بأن الملك عبدالله الثاني ليس وحده في هذه المواقف ، انما يعبر عن موقف وطني عام ، حيث يلتف الاردنيون من شتى اصولهم وعلى اختلاف مواقفهم الفكرية والسياسية حول الملك. وان الاردن رقم صعب وصخرة قاسية ، يصعب تكسيرها ، بل ودولة ذات لحم مُرّ ، وليست مصابة بهشاشة العظام.

(3)

ولتمتين لُحمتنا الوطنية ووقف محاولات اللعب على وتر تجزئة الاردنيين تبعاً لاصولهم ، فانني اذكر هنا ما سبق لي وان اقترحته في الاسبوعين الاخيرين ، في لقائي في جمعية الشؤون الدولية ، وفي محاضرتي في مدينة السلط ، وفي حديثي في قناة الجزيرة ، وهو ضرورة ان نتفق مع الاشقاء في السلطة الفلسطينية ، على منح الجنسية الفلسطينية وجواز السفر الفلسطيني ، لكل من يحمل وثائق السفر الاردنية من الاخوة الفلسطينيين - أي حملة البطاقة الخضراء والزرقاء - بحيث يمنح هؤلاء بعد ذلك ، الاقامة غير المقيدة في الدولة الاردنية ، تماماً مثل كثير من حملة الجنسيات العربية الشقيقة ، على ان يترافق ذلك بجملة من الاجراءات ، لتسهيل الحياة على اشقاء روحنا ، ومن حيث الصحة والتعليم والسكن والعمل ، وغيرها من متطلبات الحياة ، على غرار المعاملة التي تمنح للاشقاء العراقيين وغيرهم من المواطنين العرب.

إن لهذا الاجراء عدة فوائد ، فهو اولا ينهي الضغوط الداخلية والخارجية على الدولة الاردنية ، لمنح هؤلاء الجنسية الاردنية ، ويسهم ثانياً في إضعاف هواجس الوطن البديل ، ويضمن لهم ثالثا حقهم بالعودة ، باعتباره حقا تاريخيا وقانونيا غير قابل للمساومة ، وكذلك يسهل حياتهم بالاردن ، بل ويعاملون على نحو كريم ، باعتبارهم حمَلة لجنسية عربية محترمة ، لا وثائق مؤقتة ، خصوصاً وان جواز السفر الفلسطيني معترف به عربياً واسلامياً وفي الكثير من الدول الاوروبية. واعتقد بان هذا المقترح ، يصلح لان يطبق في لبنان ايضاً ، والذي من شأنه انهاء التوتر هناك ، لقاء اختلاف قواه السياسية ، على ملف الفلسطينيين المقيمين في لبنان.

(4)

وبعد: فاني بهذا المقترح ، لا اتحدث عن الاردنيين حملة الجنسية الاردنية والرقم الوطني الاردني ، بأصولهم كافة من الضفة الغربية او الشرقية ، ولا اتحدث عن حملة البطاقة الصفراء ، لأن هؤلاء اردنيون كاملو المواطنة في الحقوق والواجبات ، انما أتحدث عن اشقائنا الذين انطبق عليهم قرار فك الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية ، والاجراءات اللاحقة التي اتخذتها الحكومة الاردنية بالاتفاق مع السلطة الوطنية الفلسطينية.
 
الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات