اجراس بافلوف الامريكية

بافلوف, في الاصل, عالم روسي اشتهر بنظريته حول الانعكاس الشرطي وكان يجربها على الكلاب (ربط تقديم الطعام بقرع الجرس) ومراقبة لعاب الكلاب في كل مرة, الى ان صار هذا اللعاب يسيل على صوت الجرس وبدون طعام.. وقد اشتق منها الكاتب السوري.. زكريا تامر, قصة النمور في اليوم العاشر (فبعد تقديم اللحوم لها في اليوم الاول صارت تأكل العشب في اليوم العاشر).
والحق ان المستوطنين البيض الامريكان سبقوا زكريا تامر بذلك عندما تعاملوا مع السكان الاصليين من الهنود الحمر, على طريقة كلاب بافلوف وجعلوا منها مدخلا للتعامل مع كل شعوب العالم: القليل من الاكل على ايقاع النشيد (الجرس) الامريكي.
ينقل منير العكش في كتابه (امريكا والابادات الثقافية) عن تجربة احد الاطفال الهنود: بعد تلقين صلاة السبت والنشيد الامريكي, وكان الصديق لوغان معي, اخبرني ان قرع الجرس لاول مرة يعني ان علينا ان نذهب لنأكل, وقال انه سيخبرني بما يجب عليّ ان افعل عندما نصل هناك, ثم قُرع الجرس الثاني. وهذا يعني ان علينا ان نصطف لنذهب الى العشاء. هكذا وقفنا في صفوف طويلة, بحسب طولنا. قال لي لوغان ان اراقب الآخرين وان افعل ما يفعلون. كنت احرك يدي كالمعتاد, لكن احدهم صرخ في وجهي بغضب, وقال كلاما (انجليزيا) لم افهمه. لاحظت ان الآخرين واقفون وايديهم مسبلة على جنوبهم ففعلت مثلهم. ثم ان نفس الشخص قرع الجرس وقال شيئا فالتفت الاطفال جميعا والتفتُّ معهم. قرع جرس آخر فمشى الجميع بانتظام وهدوء, فمشيت معهم. وعندما وصلنا الى مكان الطعام رأيت طاولات طويلة جدا.. ثم وقفت (انا ولوغان) امام احدى الطاولات فنبهني: اياك ان تقعد. ابق واقفا حتى يقرع الجرس. وكانت هناك سيدة تحمل بيدها جرسا صغيرا, وما ان قرعته حتى قعد كل الاطفال.. لكن احدا لم يمد يده الى الطعام... راقبت الاخرين وفعلت ما يفعلون. ثم قرع جرس آخر فاناخ كل الاطفال رؤوسهم واغمض بعضهم عيونهم حتى ظننت انهم سينامون لولا انهم بدأوا يتمتمون بكلام الرجل الابيض.. ثم قرع الجرس فرفع كل الاطفال رؤوسهم وبدأوا بالاكل.0
العرب اليوم