التمذهب الاجتماعي

التمذهب, سنة - شيعة - كاثوليك - ارثوذكس, ماويون وماركسية اوروبية... الخ لا يمكن في صورته الجماعية الا ان يكون اجتماعيا يلبي وينسجم مع ثقافة وبيئة مناسبة.. واذا ما وجدنا افرادا عكس هذا التيار فذلك انطلاقا من معطيات ايديولوجية وفكرية لا تنعكس بسهولة على العقل الجمعي لاية جماعة, ورأينا كيف ان الجماعات التي اخترقتها هذه الايديولوجيات غالبا ما قامت بتكييفها حسب بيئتها الاجتماعية - الثقافية...
ولو اخذنا الظواهر المذهبية في بلادنا لوجدنا ما يلي, على سبيل المثال:
1- ان اهل البادية والتجارة, الرعاة والبحارة, اقرب الى الديانات والمذاهب القمرية - الليلية (السماء ثابتة والارض والبحار متحركة).
وبالمقابل فان الفلاحين وسكان الانهار اقرب الى المذاهب الشمسية - النهارية (الارض ثابتة والسماء متحركة).
2- دينيا, فقد حملت القبائل المقاتلة والرعوية والتجار رسالات سماوية مثل الاسلام واليهودية غير التلمودية, فيما حملت الجماعات الزراعية المسيحية وقبلها الديانات البدائية مثل التموزية الفراتية والاخناتونية الفرعونية النيلية...
3- وعلى نحو اضيق, اذا كان اهل السنة قد انتشروا وسط القبائل المقاتلة والرعوية والتجارية, فان اهل التشيع انتشروا وسط الجماعات الزراعية (الفاطميون في مصر, واهل الفرات ودجلة وضفاف الانهار الشامية).
4- وهو ما يعني ان الانقلابات المتأخرة (انقلاب اهل مصر والشام من التشيع الفاطمي الى التسنن, وانقلاب بلاد فارس من التسنن الى التشيع) انقلابات ايديولوجية مقحمة على ظروفهم وبيئتهم الاجتماعية. وتؤدي هذه الانقلابات كما هو معروف الى نوع من الانفصام ايضا, تشنج ايديولوجي ضد الآخر في الظاهر مع اعماق معرفية واجتماعية مضادة.
وهو ما يعني اننا دائما امام قناع ووجه حقيقي في المذهب نفسه: قناع ايديولوجي وافد مقحم (القناع الشيعي عند جماعات غير نهرية, والقناع السني عند جماعات غير رعوية وصحراوية وتجارية) وذلك مقابل الوجه الحقيقي (الباطني) وهو وجه اجتماعي - معرفي يعود للظهور في التحولات الكبرى.0
العرب اليوم