هل نحن مجتمع عنيف ولماذا هذا العنف؟!

تم نشره الإثنين 12 نيسان / أبريل 2010 06:26 صباحاً
هل نحن مجتمع عنيف ولماذا هذا العنف؟!
رجا طلب
هذا السؤال المهم سبقني اليه كثيرون ولكن اجد انه بات ملحا اكثر من اي وقت مضى بعد ان اصبح مجتمعنا يتجه نحو معاقبة نفسه عنفيا بصورة شبه يومية وبدرجة خطيرة تنذرنا باننا دخلنا مرحلة « عقاب الذات او تعنيف الذات « ان صح التعبير اي قيام المجتمع بمعاداة نفسه ومعاقبتها عبر مظاهر عنفية لم تكن موجودة قبل عدة سنوات ، فمن ظاهرة الانتحار وبخاصة لدى الشباب التى تدلل بشكل واضح على حالة الياس والاحباط الى ظاهرة العنف بالمدارس والجامعات والفرز فيها على اساس عشائري ومناطقي ضيق الى ظاهرة الاعتداء على الاطباء والممرضين ورجال الامن وصولا الى جرائم القتل البشعة بحجة الدفاع عن الشرف او الكرامة الشخصية لأتفه الاسباب، فالمجتمع الاردني الذي كان مثالا للسلم الاهلي و للصلابة القيمية والقوة والمنعة والتلاحم الاجتماعي عبر تاريخه المعاصر دخل وبكل اسف مرحلة الصراع العنفي الداخلي بصورة دراماتيكية مرعبة.

فالمجتمع الاردني لم يعش «خضات» اجتماعية كبرى او اي عنف سياسي داخلي او حروب خارجية كالمجتمع العراقي او اللبناني او الفلسطيني ليكون حجم هذا العنف المتأتي بالسنوات الاخيرة على هذا القدر من الكم وعلى هذا القدر من الغرابة في النوع والشكل.

قبل ان احاول الاجتهاد في ايجاد تفسير ما لهذا العنف المجتمعي ، اعتقد ان من اخطر نتائجه هو غياب « الحالة الوطنية العامة الجامعة» وتكريس الانتماءات العشائرية والمناطقية والجغرافية وتغليب المصالح الضيقة على اية مصلحة عامة بالاضافة الى التطاول على هيبة القانون والدولة معا ولربما اجد من بين هذه النتائج ما يمكن ان يعطي بعدا تفسيريا لهذا العنف، وفي تقديري ان السبب الاساس يعود الى تراجع « الدور الابوي التاريخي « للدولة على الصعد التعليمية والصحية والرعاية الاجتماعية وتسيير الحياة الاقتصادية بسبب السياسات التى اغفلت البنية التكوينية للدولة واعادة انتاج هذا الدور بصورة اقرب ما يكون لمنطق الاسترضاء منه الى منطق الضرورة والحاجة.

ان من بين الاسباب التى فاقمت ظاهر تراجع الدور الابوي للدولة هو فشل القطاع الخاص في لعب دور البديل او « سد الفراغ « بل على العكس لقد اظهر القطاع الخاص في الاردن رفضا واضحا في لعب اي دور اجتماعي على اي مستوى من المستويات وشكل بسياساته الربحية الصرفة عامل ضغط اقتصادي واجتماعي على الطبقتين الوسطى والفقيرة مستغلا غياب اية منظومة تشريعية وقانونية تلزمه بمثل هذا الدور الاجتماعي – الاقتصادي ، فكان الربح المادي ومازال هو الهدف وليس اي شيء اخر ، كما فشلت مؤسسات المجتمع المدني الاردنية في القيام بالدور البديل وغلبت كما هو معروف مصالح القائمين عليها المادية عن اي دور اجتماعي بخاصة ان معظمها انشئ لغايات التمويل الاجنبي والكسب والثراء السريعين وليس لخدمة الاردن والمجتمع الاردني.

وامام هذا الواقع المعقد والذي يختلط فيه الاجتماعي بالاقتصادي بالسياسي والى حد ما بالسيكولوجي يصبح من الضروري ايجاد مطبخ رئيسي للسياسات العامة لا ينشغل بالتفاصيل اليومية بل برسم الرؤى والتصورات الاستراتيجية على كل المستويات من اجل اعادة التوازن داخل المجتمع واعادة تفعيل الدور الابوي للدولة على اسس معاصرة يراعى فيها الوضع الاقتصادي العام والشأن السياسي العام كما يراعى فيه التوازن والعدالة قدر الامكان.

انه لمن قصور النظر رؤية شاب يقتل في جامعة بانها مشاجرة عابرة او انتحار شاب دون الثلاثين في قرية نائية بانها حالة نفسية مرضية او الاعتداء على طبيب او رجل الامن « زعرنة « ، فاستمرار هذه الحالات وهي آخذة بالتفاقم والتراكم تشكل تنبيهاً مبكراً لنا جميعاً.

الراي


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات