بين إرهابين!!

استكملت بالأمس حوارا مع صديق فرنسي كان قد بدأ قبل عدة أعوام في عمان بمنزل الصديق الباقي محمود درويش ، ثم انقطع رغم أن كل الموضوعات التي دار حولها الحوار لم تنقطع ، وأذكر أنه كان عائدا للتو من فلسطين ، وقال ان لديه قناعة بأن دولة تقتل الأطفال وتغتال الأبرياء والمدنيين لا تؤتمن على أي سلاح في حوزتها ، حتى لو كان مجرد مسدس أو بندقية ، وكان قد أعلن استغرابه من صمت العالم على تسمية اسرائيل جيشها العدواني باسم جيش الدفاع ، وقال ان هذا أول التضليل ، أما آخره فالله وحده يعلم الى اين سوف يصل.
حوار الأمس كان حول الارهاب النووي وخشية الولايات المتحدة من أن تحصل عليه منظمات ارهابية أو دول مارقة ، وببساطة قال الفرنسي.. أيهما أولى وأجدر باثارة الرعب السلاح النووي الناجز والجعبة التي تملكها اسرائيل أم السلاح القابل للوجود رغم أنه ليس موجودا الآن؟ قلت له ، حبذا لو تطرح هذا السؤال على الرئيس الامريكي وطاقمه وعلى الرئيس ساركوزي وما كتبه عن اسرائيل في كتاب يستحق أن يدرج في باب الغزل السياسي ، لأنه ظهر كعاشق لليهود ومتيم باسرائيل ، أما نحن العرب فندرك أن كل ما يصدر عنا لا يصل الى ما هو أبعد من جدران القاعات سواء كانت للمؤتمرات أو الندوات بشقيها الرسمي وغير الرسمي ، أما أغرب ما سمعته من هذا الفرنسي فهو اكتشافه مؤخرا أن اي دفاع عن المنطق وبدهيات التاريخ وحقوق الانسان يصب أخيرا في صالح العرب اذا استطاعوا بالفعل أن يستثمروا هذا الدفاع ، وأضاف ساخرا انه يكتشف عندما يدافع عن أرسطو وديكارت وهيجل بأنه يدافع عن شعوب تجهل أدوات الدفاع عن نفسها ، فتصبح في نظر الآخرين معتدية وليس معتدى عليها. وهذا الانقلاب في المعادلات كلها سببه واحد ، هو أن من يتصورون بأنهم سادة هذا الكوكب وسدنة الديمقراطية والحرية فيه هم أشبه بما نسميه نحن العرب حاميها حراميها ، وتساءل لماذا تكون ردود أفعال العرب على هذا النحو الرخو ويتسامحون مع غزاتهم كثيرا ، لكنهم لا يفعلون ذلك مع أشقائهم.
ولا أريد الاستطراد فيما تحاورنا حوله عن الانثربولوجيا في بعدها السياسي وعلمي النفس والاجتماع لأن هذا الحوار يوجع القلب ويصدع الرأس في مجتمعات حفظت عن ظهر قدم أو كرة رأس عبارة ابدأ من الآخر أو هات من الآخر ، فهي نافدة الصبر وضجرة عندما يتعلق الأمر بمصيرها الحضاري وقضاياها القومية ، لكنها صبورة ودؤوبة كالنمل في معرفة أنواع السيارات والموبايلات والشامبو وأسعار الأراضي والشقق وسلة العملات،،.
انتهى الحوار الى قناعة صاحبنا بأن من لم يكن أمينا على احتياز مسدس أو بندقية أو حتى جرافة لا يؤتمن على جعبة نووية تهدد العالم بأسره وليس الشرق الأوسط فقط ، لكن امريكا التي فرطت بابنتها التي سحقتها الجرافة في فلسطين غير مؤهلة للحكم حول من يؤتمن أو لا يؤتمن على الأسلحة سواء كانت سكينا مشحوذة أو اسلحة تدمير شامل،.
ان الدفاع الآن هو عن المنطق وهو في صالح الضحية،،.
الدستور