«المقاومة» بين «هآرتس»ومجلس الجامعة

تم نشره الجمعة 16 نيسان / أبريل 2010 02:20 صباحاً
«المقاومة» بين «هآرتس»ومجلس الجامعة
عريب الرنتاوي

ما الذي رمى إليه المندوبون الدائمون في الجامعة العربية حين دعوا الفلسطينيين إلى "التصدي ورفض الانصياع للأوامر العسكرية الإسرائيلية بإبعادهم عن وطنهم" ، هل هي دعوة للمقاومة ، هل هو انتصارّ لخيارها يُقدمُ عليه المستوى الأدنى من الممثلين في الجامعة بعد أن رَفَضَه المستوى الأعلى في سرت قبل أسابيع؟...أم أننا أمام إفلاس اللغة وعجز "خيار السلام الاستراتيجي الوحيد" عن الإجابة على تحديات حكومة اليمين واليمين المتطرف؟...هل نأخذ الأمر على محمل الجد ، وهل أخذه المندوبون الدائمون على هذا المحمل أصلا ، أم أنها دعوة "تحصيل الحاصل" والعمل بمقولة "اذهب أنت وربك وقاتلا...".

لسنا في الحقيقة من "المأخوذين" بمقولة "نهج المقاومة" التي "صنّمها" البعض منا ، وأحالها إلى رديف لشعار "الإسلام هو الحل" لجهة خلوّه من أي مضمون ، ولكننا مع ذلك نرى أنه من دون مقاومة (ولك أن تضيف عاقلة ورشيدة) ، لن تكون حلول وتسويات حتى بالمعنى المتواضع الذي بشّرت بها عملية أوسلو وما اندرج فيها وسبقها ولحقها من اتفاقيات ، فخيار المفاوضات حياة ، وشعار "البديل عنها المزيد منها" ، أثبتا فشلا ذريعا وأصحابهما يتلقون الصفعة تلو الأخرى ، صبح مساء وفي العشية والإبكار.

ولست هنا أنطق باسم أي من فصائل المقاومة (المصطرعة هذه الأيام حول من يمنع ومن يسمح باستمرار العمل المقاوم من غزة) ، ولكنني أقتبس من افتتاحية صحيفة """هآرتس" ، تخيّلوا "هآرتس" ما غيرها ، وبقلم أسرة تحريرها ، لا محرر واحد منها ، تقول الصحيفة في عددها الصادر أمس الأول: "الجمهور الاسرائيلي غير مكترث في معظمه للمسيرة السياسية ، وطالما لا توجد مقاومة (إرهاب على حد تعبير الصحيفة) وانتفاضة ، فان اسرائيليين قلائل فقط معنيون بشكل عام بوضع الفلسطينيين أو مكترثون بما يجري في المناطق. عدم الاكتراث هذا يعفي نتنياهو من ضغوط داخلية ويمنحه حرية العمل ، غير ان رئيس الوزراء يفضل كسب الوقت ، على ما يبدو في توقع بأن يخفف الرئيس براك اوباما من حدة مطالبه او أن ينتظم مؤيدو اسرائيل في الولايات المتحدة في كفاح ضد "التسوية المفروضة".

إذا كانت "هآرتس" بما تمثل ومن تثمل ، تقترح أنه من دون مقاومة أو انتفاضة ، لا سبيل لجذب اهتمام الجمهور الإسرائيلي والتأثير عليه واستمالته ، ولا مكان لتعديل برنامج عمل نتنياهو وحكومته اليومي ، واستتباعا لا فرصة لإطلاق عملية سلام جادة وجدية ، فقد مضى عام أو أزيد على مجيء نتنياهو وأوباما إلى سدة الحكم ، من دون حصول تقدم ، وستنتهي قريبا مهلة التجميد المؤقت (المزعوم) للأنشطة الاستيطانية في الضفة ، وقريبا ستدخل الإدارة الأمريكية في الانتخابات النصفية للكونغرس ، الأمر الذي يحيل الملف بمجمله إلى العام المقبل.

ووفقا للصحيفة فإن سلوك نتنياهو يكشف عن مواقفه الحقيقية: "توسيع التواجد اليهودي في شرقي القدس أهم بالنسبة له من الحفاظ على العلاقات الحيوية مع الولايات المتحدة. وهو يفضل البناء في الشيخ جراح ومخاصمة اوباما ، بدلا من توثيق التنسيق والتفاهم مع الادارة حيال التهديد الايراني. في لحظة الحقيقة ، اختار نتنياهو جذوره الايديولوجية ، وقرر التضحية في سبيلها بالمصالح الاستراتيجية لاسرائيل - وبوعده بدفع التسوية مع الفلسطينيين الى الامام على اساس "الدولتين للشعبين".

هكذا تصف الصحيفة العبرية توجهات الائتلاف الحاكم في إسرائيل السياسية والإيديولوجية ، وكم نتمنى أن يقنع المراهنون على سراب الحلول وأوهام المفاوضات بأن طريقهم مسدود مسدود مسدود ، وأن استراتيجيتهم التي خضعت للاختبار 20 عاما ، ثبت فشلها ، وأن أوان البحث عن استراتيجية بديلة قد أزف ، ومن الأفضل أن نفعل ذلك اليوم وليس غدا.

ويؤسفنا حقيقة أن نرى بوحاً إسرائيليا عن المقاومة والانتفاضة لم نعد نجد أثراً له في أدبيات السلطة والحكومة في رام الله ، اللتين لم يعد يشغلهما شاغل هذه الأيام ، سوى البرهنة على بؤس خيار المقاومة والتعهد بمنع اندلاع انتفاضة ، والإصرار على تأبيد الحالة الانتظارية العاجزة التي تعيشها الحركة الوطنية الفلسطينية.

الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات