"لمن كان له قلب أو ألقى السمع.."!

تم نشره السبت 17 نيسان / أبريل 2010 03:17 صباحاً
"لمن كان له قلب أو ألقى السمع.."!
محمد أبو رمان

تكشف رسالة وجّهتها "مؤخّراً" حركة "ذبحتونا" لوزير التعليم العالي، د.وليد المعاني، عن "ميثاق شرف" وقعه طلاب كلية عمان الجامعية (في جامعة البلقاء التطبيقية) في نهاية العام الماضي، عن حجم التدهور الكبير والمرعب في ثقافة طلابنا، والانهيار المحزن جداً في دور الجامعات.

تثوي "نيّة طيّبة" وراء "الميثاق" لتجنّب الخلافات العشائرية، ومنع امتدادها إلى خارج الجامعات، بعد أن أصبحت ظاهرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة. إلاّ أنّ الحل بالنسبة للطلاب الموقعين على الميثاق لا يكمن بتطبيق القانون وتفعيل العقوبات ضد المخالفين، بل بالرجوع إلى "ممثلي العشائر" في الجامعات! وبحل المشكلة "عشائرياً" خارج أسوار الجامعة، بعد قبول "الدخالة" من الطرف المعتدي!

لا يكتفي "الميثاق" بذلك، بل يدعو إلى أن تكون الانتخابات الطلابية بالتراضي بين "ممثلي العشائر" أو حتى بالقرعة!

"العقلية"، التي أقرّت الميثاق، لا تعترف بالمضمون الحقيقي للانتخابات، ولا بالفلسفة الحاكمة لهذا النشاط الطلابي في التدريب على اللعبة الديمقراطية والقبول بمخرجاتها وبناء ثقافة التنافس الإيجابي والقبول بالآخر، فهذه العقلية مسكونة بالتوازنات والعلاقات العشائرية، وهي حالة مستنسخة مما باتت عليه الانتخابات النيابية ذاتها!

بنود الميثاق بقدر ما تعزز القلق لدينا، فإنّها لا تثير الدهشة ولا الغرابة، فهي انعكاس طبيعي ومنطقي لسنوات طويلة في تعبئة الطلاب على أسس عشائرية وجهوية، لتحقيق أهداف سياسية، فهل تحققت تلك الأهداف الآن؟!!

الثيمة الرئيسة هنا أنّ الميثاق يعكس تماماً التحول الجذري في دور الجامعة ومهمتها من بث قيم التنوير والحداثة والمدنية وتطوير الثقافة وبناء العقول إلى متلقٍ للأمراض الاجتماعية ومركز متقدم للأزمة السياسية الحالية، التي تتغلغل ليس فقط في المشهد السياسي، بل حتى في "البنية التحتية" للمجتمع والدولة التي تمثّل القاعدة الصلبة المفترضة لمواجهة الأزمات، لا العكس!

ذلك نموذج فقط وأحد المؤشرات العيانية التي تمسّ واقع الانهيار في التعليم العالي بصورة مباشرة وحادّة. وثمة شهادات مقلقة جداً لخبراء وقيادات التعليم العالي في البلاد لما وصلت إليه الحال.

لكن، لماذا تذهب كل هذه الصرخات أدراج الرياح؟! الجواب بوضوح شديد: لأنّ المسؤولين لدينا لا يقرؤون، وإذا قرؤوا لا يبادرون، وإذا بادروا فلا يجرؤون على الالتزام بمواقف مفصلية وتاريخية.

المسألة تتجاوز قرار وزير (مع التقدير لوزير التعليم العالي وخطواته الإيجابية) إلى أزمة رؤية لدى الدولة وفقدانٍ للبوصلة ليس فقط في ملف التعليم العالي، ولا التربية والتعليم، بل في أغلب الملفّات الحيوية والحسّاسة!

كما فعلت أزمة المعلّمين وأحداث العنف الاجتماعي والجامعي، وآخرها أحداث مدينة السلط، وتكرر شبهات الاختلاس في الوزارات والمؤسسات المختلفة (وما خفي أعظم!)، فإنّ "ميثاق الشرف" (هذا) يطرق جدران الخزّان، "لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد"!

الغد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات