مشاوير خليل قنديل

تم نشره الأربعاء 21st نيسان / أبريل 2010 05:25 صباحاً
مشاوير خليل قنديل
بسمة النسور

بلغة رشيقة لماحة ذكية، قائمة على عنصر التشويق، مبنية على عمق البساطة وعفوية التعبير وبلاغة الصورة، مثل عهده دائما، كتب الزميل خليل قنديل أمس مقالته في صحيفة الدستور، بعنوان تلك الرائحة، شدني وأثار فضولي وريبتي العنوان، الذي يشي بفضاء قصصي قنديلي فائق التميز، يثير إعجابي وغيرتي في العادة؛ كوني أدرك ككاتبة مبتلاة بهاجس القص، مدى صعوبة الظفر بقصة ممسوكة مكتملة البناء، وأعرف جيدا مقدار البهجة التي تحدثها في النفس، لحظة القبض على قصة طازجة، انبثقت في لحظة مباغتة. وتخوفت من أن خليلا، وهو الأستاذ المتمكن من صنعته في فن القصة، هذا الفن الصعب العصي على التفسير، قد سرب من وراء ظهري وبذريعة زاويته اليومية قصة جديدة، مستمدا أجواءها من تلك اللقطات الصباحية، التي يقتنصها بحرفية، حين يهبط إلى شوارع البلد سيرا على الأقدام، متجولا في الأسواق الشعبية، (متحركشا) بنبض الناس، حاملا على عاتقه التعبير عن أوجاع البسطاء وهمومهم ومعاناتهم، ملتقطا الأفكار المرمية على الطرقات، مشتغلا عليها بحساسية فائقة، محولا إياها إلى مشاهد قصصية متقنة، وهو الحريص دوما على تقديم أفكاره البسيطة المدهشة المحرضة على التأمل، ما يجعل المرور اليومي على زاويته الدستورية، اقتراحا صباحيا جميلا. غير أن مقالته لم تكن قصة جديدة، تبعث على الغيظ وتثير الأحقاد السردية، مما أثلج صدري وطمأن قلبي، انطلاقا من استحقاقات "عداوة الكار" الدارجة جدا في الأوساط الأدبية!

كتب خليل وبمناسبة قدوم الصيف، قصة بالغة القدم عن ظاهرة يومية شديدة الإزعاج، تتمثل في إهمال الكثيرين متطلبات النظافة الشخصية، ما يجعل التواجد في الأماكن العامة المزدحمة من دوائر حكومية ومستشفيات ومقاهٍ وأسواق خضرة تجربة مزعجة تسبب توترا كبيرا، وقد تؤدي إلى الاختناق وضيق النفس، جراء الروائح الكريهة المنبثقة من الأجساد المهملة، كذلك فإن استخدام وسائل النقل العامة من سيارات التاكسي وباصات مؤسسة النقل، فإنها تدخل في نطاق التجارب المريرة، التي ينبغي إضافتها إلى قائمة المخاطر المرورية، كما وصف خليل واقعها بتفصيل دقيق. من هنا تبرز الحاجة ماسة وملحة لغاية تنظيم حملات توعية مكثفة تبدأ من البيوت والمدارس ومواقع الدراسة والعمل، حول أهمية النظافة الشخصية في حياتنا، وأثرها الكبير على الصحة.

قد يذهب البعض إلى أن الظروف المادية الصعبة تحول دون إمكانية تحقق ترف النظافة والأناقة. وبرأيي هذا طرح غير دقيق؛ لأن شرط النظافة كمظهر صحي، ينم عن ثقافة وحضارة ليست حكرا على طبقة اجتماعية دون غيرها، وهو ليس مطلبا ترفيهيا بل حق للفرد على نفسه، فالفقر ليس نقيضا للنظافة، والنظافة الشخصية هي من أهم ملامح حضارة أي مجتمع، والمظهر اللائق ممكن الحدوث حتى لذوي الدخل المحدود، ليس بالضرورة أن يرتدي المرء أفخر الماركات العالمية ليبدو مقبولا، بل يمكن تحقق ذلك بأبسط الإمكانات. أتمنى أن نصل إلى حالة حضارية، يكون الاستحمام فيها سلوكا يوميا عاديا، وليس طقسا احتفاليا يستدعي عبارات التهنئة. وأن تحافظ شوارع عمان على سمعتها، كواحدة من أنظف مدن العالم. وشكرا لخليل قنديل القاص والكاتب الصحافي البارع، على قرعه لهذا الجرس!

الغد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات