خاطرة جميلة !!!

تم نشره الأربعاء 21st نيسان / أبريل 2010 05:31 صباحاً
خاطرة جميلة !!!
خيري منصور

اقترن اسم جميلة منذ الصبا بثلاث نساء ، هن جميلة بوحيرد التي دخلت التاريخ من بوابته الجزائرية العالية ، وجميلة بطلة رواية جنكيز اتماتوف وهي عنوان اشهر اعماله ، وجميلة الصبية التي سال دمها على سفح جبل في فلسطين فملأه بشقائق النعمان.

ولم اشأ الكتابة عن اجمل الجميلات ابنة بوحيرد عندما تحولت استغاثتها من اجل العلاج الى فضيحة قومية وانسانية وربما تاريخية ، وانتظرت الى ان تجاوزت جميلة المحنة ، وأتمنى ان تكون تجاوزتها بالفعل ، وهذه مناسبة لفتح ملف قديم متجدد حول مصائر من دفعوا حرياتهم وحياتهم ثمنا لحرية الآخرين ، لقد اخذوا بعض ما استحقوه من تكريم معنوي من الناس ، وثمة جزائريات يقسمن الآن بجميلة الجدة الباسلة بدلا من اي قسم اخر ، لكن الدين لا يزال كبيرا في اعناق دول ومؤسسات وافراد على امتداد هذه التضاريس العربية التي تتدرج من المحتل الى شبه المحتل الى المدرج على قائمة الاحتلال.

كنا اطفالا نلثغ بالنشيد تحت اشجار السرو عندما كانت جميلة تصد بيديها النحيلتين جيشا من الغزاة ، وتدافع عن سمعة المرأة لا في بلادها فقط بل على امتداد هذه الارض ، لكن لم يخطر ببالنا ذات يوم ان من افتدونا سوف لا يجدون العلاج في شيخوختهم وعندما تصبح ضفائر الفدائيات بلون الياسمين.

 

لقد تخيل الراحل محمد الماغوط في احدى مسرحياته الساخرة صقر قريش وهو يعود الى حدود بلد عربي بعد قرون من تلك الرحلة العظيمة وبطريقته الساخرة ، دفع العرب المعاصرين الى مقايضة الصقر بحافلة معبأة بأكياس الطحين ، ثم قال: انها أمة من جبال الطحين. ولو عاد اي بطل عربي الى عصرنا جريحا لما وجد حتى قطرة ماء ترطب شفتيه ، وقد يسلمه ذوو القربى الى الاعداء ، معتذرين لهم عما افترف،.

ما لقيته جميلة قد تلقاه دلال المغربي اذا عادت في زمن نسي اليتيم فيه قاتل ابيه وتعلق برداء او حذاء زوج امه ، ما دامت الحرة الآن تجوع فتأكل بثدييها وما دام الرجل الذكي والماهر هو من يبوس الكلب من فمه بحيث يبلل لعابه شاربيه حتى يأخذ حاجته منه،.

ما الذي جرى لذاكرة رملية تسرب منها الدم كما الماء؟ ولماذا يتخلى الاحفاد عن اجداد اجترحوا لهم طريقا آمنا في الغابة؟.

جميلة بوحيرد ليست سوى مثال ، فالذين قضوا من اجلنا نساء ورجالا ، نسيناهم قبل ان ننفض عن قمصاننا غبار الدفن لان الحكمة الآن لصالح المخرز ولان القامة صغرت حتى اصبح نصف متر من القماش يكفيها فراشا وغطاء وكفنا،.

ولو عدنا الى الوراء عقودا وفتشنا عن نهايات من نابوا عنا جميعا في السهر على ما تبقى من الحجر والشجر والاطفال لشعرنا بالخجل مرتين ، مرة لأنهم لم يكافأوا على فضائلهم ومرة لاننا لا نستحق تلك الفضائل وكان مالك حداد ابن عم جميلة قد قالها بفرنسية جارحة: لكي نستحق العسل ، علينا ان نملك فضائل النحل ونغامر مثله ، ونهتدي الى الرحيق ، لكن الذباب لا شأن له بالرحيق فهو يتساقط على اي جيفة او دودة ميتة او قطعة حلوة عطنة،.

لم تكن جميلة جدة الجزائريات وحدهن ، انها جدتنا جميعا ، وهي وشم في ذاكرتنا وعلى شغاف القلب في زمن ضلّ فيه الجمال طريقه وغادرت الجبال مواقعها نحو قيعان تعج بالحصى،،.
 
الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات