أهمية "العلمانية " في قيادة الدولة والمجتمع

المدينة نيوز - تعني فصل الدين والمعتقدات الدينية عن شؤون الدولة وإدارتها، Secularism العلمانية على اعتبار أن التفكير العقلاني في تحديد معاني الأشياء وتقدير قيمتها وترتيب أولوياتها والعلوم وتطورها وليس المعتقدات الدينية وحدها هو السبيل الكفء الذي يضمن إنقاذ الإنسان وتحسين حياته وتطوير نوعيتها، وانتشاله ومؤازرته أثناء كفاحه في مسيرته الحياتية نحو الأفضل.
فالعلمانية إذن تدعو إلى أن تكون جميع القرارات المتعلقة بشؤون الحكم والإدارة والتشريع والقضاء مستندة إلى الأسس الموضوعية والمنطقية والمصالح الوطنية والتوازنات السياسية والاعتبارات الأخلاقية، وليس إلى الأسس الدينية والتفسيرات الغيبية.
ولا يعني ذلك على الإطلاق إن العلمانية ترفض الدين أو تتنكر له أو تقلل من قيمته أو أهميته، الأمر الذي يميزها بوضوح عن الإلحاد، وهي بالتأكيد لا تناصب العداء لرجال الدين والمتدينين، ولا تدعو مطلقا للنكاية بالمقدسات، بل إنها على العكس من ذلك، تريد للمؤسسات الدينية ودور العبادة أن تكون المعاقل السامية التي تضطلع بمهامها الروحية النبيلة وتطالب بتطبيق حرية الأديان والمذاهب والمعتقدات على المستوى الفردي، ما دام ذلك لا يتجاوز العلاقة الخاصة بين الفرد وربه.
هناك الكثير من القادة ورجال السياسة المتخصصين في إدارة شؤون الدولة وتشريع القوانين، المعروفين بأيمانهم والتزامهم بأديانهم لكنهم لا يخلطون بين واجباتهم الدينية والمدنية. بالمقابل فأن ثمة العديد من العلماء والمتدينين الحقيقيين الذين يؤمنون بصحة نهج العلمانية ويدعون إلى تطبيقه، لإدراكهم بأنه النهج الذي يكفل احترام الدين ويصونه من الابتذال عن طريق إبقائه بعيدا عن نفاق السياسة وابتذال أساليبها للحفاظ على صورته النقية المقدسة التي تعنى بعلاقة الخالق بالمخلوق .
إن الفصل بين الدين والدولة، هو فصل بين السياسة التي تقوم على المراوغة وحسابات المصالح، وبين الدين الذي يقوم على المبادئ الأخلاقية، إن الخلط بينهما كما قال عالم الاجتماع د. سعد الدين إبراهيم هو "خلط بين المقدس والمدنس ".
فعلى أصحاب الرؤى الدينية إذا، أن يأخذوا بعين الاعتبار إن الدين (أي دين) غير قادر على قيادة الدولة والمجتمع وغير قادر أيضا على سن قوانين وشرائع تتناسب مع المتغيرات المدنية والحياتية الناتجة عن تقدم الإنسان وتطوره الدائم ( فكريا وماديا )، والسبب هو أن الأديان وقوانينها ثابتة غير قابلة للتطور، كونها مستندة إلى نصوص مطلقة لا يمكن المساس بها، والثبات من المنظور العلمي يعني الجمود، لهذا لا يمكن لأي دين على وجه الدنيا أن يسن قوانين تصلح لكل زمان ومكان .
لذا فأن أهمية إتباع النهج العلماني في قيادة الدولة والمجتمع تكمن في انها تبقي المجال دائما مفتوحا لوضع أحكاما وقوانين علمية تتناسب ومتغيرات العصر في كل زمان ومكان، لأن العلم قادر على نقض وتطوير ذاته، وإلا سيبقى الإنسان أسير رؤية أحادية ثابتة لو اعتمد على الجانب الديني فقط. هناك العديد من الدراسات الأكاديمية في علم التاريخ السياسي تؤكد على أن انتشار الفكر العلماني عند المجتمعات غالبا ما يكون نتيجة طبيعية لتطورها الحضاري.ِ