الحكومة تسجل هدفا

تم نشره الأربعاء 02nd أيلول / سبتمبر 2015 12:50 صباحاً
الحكومة تسجل هدفا
مروان المعشر

مرحى للحكومة على هذا الإنجاز المتقدم وغير المتوقع، بتقدمها بمشروع قانون انتخاب لمجلس الأمة يغادر "الصوت الواحد"، ويؤسس لمجلس نيابي منتخب بقاعدة أوسع، يساهم في تقوية العمل الجماعي. نعم، كان أجدى بالقانون المنتظر منذ سنوات، أن يحتوي قوائم وطنية تكون حزبية حصراً. وبالتالي، لا يعالج القانون كل الثغرات، لكنه عالج الكثير منها في هذه المرحلة، رغم المقاومة الشرسة من قوى الشد العكسي. وهذه نقطة تسجل لرئيس الحكومة د. عبدالله النسور، ولوزير الشؤون السياسية والبرلمانية د. خالد الكلالدة، اللذين جاهدا في الفترة الأخيرة ضد قوى متنفذة في الدولة تعارض الإصلاح، وتعارض وجود مجلس نيابي قوي، بل وتعارض توجهات جلالة الملك في تطوير نظام عصري من الفصل والتوازن بين السلطات.

مسودة القانون تظهر أن الترشيح يتم بطريق القائمة النسبية المفتوحة، وليس بشكل منفرد، إلا إذا كان المرشح عن إحدى المقاعد المخصصة للشركس أو الشيشان أو النساء أو المسيحيين؛ فيحق له/ لها عندئذ أن يترشح انفرادياً أو ضمن قوائم. أما الناخب، فيقوم بالإدلاء بصوته لإحدى القوائم المرشحة أولاً، ثم يصوت لعدد من المرشحين لا يتجاوز عدد مرشحي القائمة التي صوت لها ابتداء دون غيرها من القوائم.

حتى نفهم ما يعني ذلك، أعود لتصريح د. الكلالدة الأسبوع الماضي، حين عدّد أربع مثالب يجب أن يعالجها أي قانون انتخاب، وأنا أتفق معه في التشخيص. المثلبة الأولى، تتمثل في تفتيت أصوات الناخبين وحصول المرشح على أصوات ناخبين في "زقق" وليس مدينة (الكلام له)؛ فجاء مشروع القانون ليوسع الدائرة الانتخابية ويجعلها على مستوى المحافظة، ويقلل عدد أعضاء المجلس من 150 إلى 130 عضواً. والمثلبة الثانية هي المال السياسي الذي يُحد منه بتوسيع الدائرة إلى مستوى المحافظة، بما يجعل عملية شراء الأصوات أكثر صعوبة وكلفة، إضافة إلى تغليظ عقوبة شراء الأصوات في مسودة القانون الجديد. أما المثلبة الثالثة، فهي التمثيل المشوه جغرافياً وديمغرافياً ومناطقياً (والكلام للوزير أيضاً)، وقد جاء القانون ليعد بإعادة توزيع الدوائر بشكل أكثر عدالة، وإن بحسب نظام لم نطلع عليه بعد. فيما تتمثل المثلبة الرابعة في تفتيت القوى السياسية وتكتلاتها، وجاء القانون ليعتمد نظام القوائم ولو على مستوى المحافظة، وليتيح انتخاب قوائم ذات برامج وتوجهات بدلاً من انتخاب أفراد، ويؤسس بالتالي لتكتلات حزبية داخل البرلمان.

وفقاً لذلك، فإن مسودة القانون قطعت شوطاً مهماً على طريق التأسيس لبرلمان قوي، يبتعد فعلياً عن "الصوت الواحد"؛ برلمان منتخب على قواعد أوسع، وبناء على أسس أقرب إلى البرامجية من الشخصية. وبالرغم من غياب القوائم الحزبية الوطنية عن القانون، إلا أن ذلك يمكن إرجاعه للحاجة إلى نضوج التجربة الحزبية تدريجياً، ومن المؤمل أن يتم معالجة الأمر في قوانين قادمة، كما مسألة القوائم المغلقة لا المفتوحة بعد نضوج التجربة أيضاً.

يبقى السؤال هو إن كانت القوى المحافظة داخل الدولة ستسمح بتمرير هذا القانون العصري، وهل لـ"الطخ" الحالي على الحكومة علاقة بموقفها المتقدم من قانون الانتخاب؟ ما أخشاه هو أن تتقدم الحكومة بهذا القانون للمجلس النيابي ثم نشهد تعديلات جذرية بتأثير من قوى خارج المجلس، تنسف هذه المعادلات من أساسها، وتنتج في النهاية صيغاً تبتعد شكلياً فقط عن "الصوت الواحد" ولا تغادره فعلياً. وما حصل في مجلس النواب الأسبوع الماضي أثناء مناقشة قانون اللامركزية، مؤشر مقلق على حجم المعارضة داخل الدولة للقوانين الإصلاحية.

خطوة الحكومة جريئة وإصلاحية بامتياز، تستحق أن يقف وراءها المجتمع الأردني بأكمله، وأن يُسمِع المجتمع صوته عالياً وبكل الوسائل السلمية الممكنة؛ للوقوف ضد قوى الشد العكسي التي لن تقف ساكتة، وستستخدم على الأرجح الأدوات كافة التي لديها لعكس أو تخفيف الآثار الإيجابية لهذا القانون.

ستبدي الأسابيع المقبلة فيما إذا كانت السلطة التنفيذية، بمؤسساتها كافة، قد اتخذت حقاً قراراً حاسماً بدفن "الصوت الواحد" والتأسيس لمجلس نيابي قوي، أم أن الموضوع يقتصر على جهود مباركة للحكومة فقط. والمعركة مستمرة.

(الغد 2015-09-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات