لَيْسَتُ نكْتة !!

تم نشره الإثنين 26 نيسان / أبريل 2010 07:12 صباحاً
لَيْسَتُ نكْتة !!
خيري منصور

تداول عرب نهايات القرن العشرين نمطا من النكات والطرائف السياسية السوداء تعبيرا عن واقع الحال ، وهي كثيرة يتعذر احصاؤها رغم عدم اهتمام علماء الاجتماع السياسي والنفس بها وبالاسباب التي أدت الى افرازها كبديل عن المبادرات الجدية للتغيير ، فالهزائم عندما تتلاحق تخلف لدى المهزومين حالة من المازوشية تجعلهم يستمرئون عضّ الذات وهجاءها والسخرية من انفسهم.

احدى تلك النكات تقول إن احد الباحثين حمل سؤالا وطاف به عواصم عربية ، هو ما رأيكم في اكل اللحم؟

في عاصمة ما ، اجاب مواطن لا اعرف ما الذي تعنيه بكلمة لحم ، ذلك ببساطة لان تلك العاصمة فقيرة ، وحين يفاضل الناس فيها بين الحرية واللحم يفوز اللحم ، ليس فقط لندرته بل لأن اللعاب يسبق الكلام عندما ترد هذه المفردة في اي سياق او سؤال.

في عاصمة اخرى اشد فقرا اجاب المواطنون لا نعرف ما المقصود بكلمة اكل ، فقد نسوه منذ زمن ، وربما لهذا السبب رسم فنان لوحة فازت بجائزة اليونيسيف هي عنكبوت بنى بيته على الافواه،

وفي عاصمة موسرة ، لا يعاني الناس فيها من شح اللحم او ندرة الاكل ، اجاب المواطنون عن السؤال ذاته وهو ما رأيكم في اكل اللحم قائلين: لا ندري ما الذي تقصده بكلمة رأي.

هكذا تتكامل اقواس الدائرة لتنغلق على مركز واحد ، هو سرّة وطن لم يقطع حبلها حتى بعد الفطام وبلوغ ما يسمى سن الرشد رغم اعتراضنا الجذري على هذه العبارة ، فالرشد ليس الشارب او اللحية او استكمال الانثى لعناصر تكوينها الجسدي ، انه شيء آخر تماما ، فثمة اناس بلغوا التسعين لكنهم لم يبلغوا الرشد ، وثمة شعوب عمرها ألفيات من السنين لم تحتفل بالاقلاع عن الفطام.

لهذا علينا ان نبحث عن معجم أخر يليق بما انتهى اليه البشر في هذه الحقبة التي اعيد فيها الآدمي قردا ، وتوقفت فيها الأرض عن الدوران واستطالت،

هكذا يصبح الحوار بين طرشان ولا احد يفهم احدا ما دام هناك من يفكر بالأكل فقط ، وهناك من يسيل لعابه اذا سمع كلمة لحم حتى لو كان المقصود بها لحام الكهرباء ، والاطفال يلثغون بكلمة الرحمة فتصبح لحمة ، وهناك من لم يسمعوا بكلمة رأي رغم التخمة التي يعانون منها وهناك من كانت اخر وجبة التهموها هي ما تبقى من اسمال تستر عوراتهم،

يقال ان النكتة هي المفتاح السحري لقراءة وجدان شعب ، فهي غير قابلة للترجمة لأنها تعبر عن المسكوت عنه والمحظور لدى شعب ما تتحالف كل المكبوتات النفسية والجسدية والاثنية من اجل تحويله الى نفق اسود ا و اشارة تعجب يقطر منها الدم،

ولو راجعنا النكات الاكثر رواجا في فترة ما لوجدنا انها الوثيقة الادق التي تعبر عما يدور في دواخل الناس ، فهي احيانا تصبح مقاومة ، كما قال جورج لوكاتش شرط ان لا تتحول الى اسفنجة لامتصاص الدمع.

كلنا غالبا وفي العالم العربي بالتحديد تتحول الى ديناميكية سالبة ، وينتهي مفعولها عند ذيل الضحكة المبلول بالدمع،

ولكي تستكمل هذه النكتة مفارقتها فان الذي رواها لي زعيم سياسي،

 
الدستور



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات