تجارة الوزير جريمة!

المدينة نيوز - "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً للملك، وان أحافظ على الدستور وأن أخدم الأمة وأقوم بالواجبات الموكولة إليّ بأمانة".
لطالما سمع المواطن الأردني وزراءه يرددون هذا القسم، مع كل تشكيل وتعديل، من دون أن ندقق هل قرأ الوزراء الدستور، الذي أقسموا أنهم سيحافظون عليه. ومن دون أن يحاسبوا بعد المغادرة على مدى التزامهم به. مع أن الدستور يغلظ العقوبة على الوزير ويشدد الرقابة عليه، فهو تحت سيف مجلس النواب سؤالا واستجوابا وطرح ثقة.
لا تتوقف مسؤولية الوزير على الجانب السياسي، بل يلاحق قضائيا ولا يكتفى باستقالته. "الوزير الذي يتهمه مجلس النواب يوقف عن العمل إلى أن يفصل المجلس العالي في قضيته، ولا تمنع استقالته من إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار في محاكمته"، وينص قانون محاكمة الوزراء الذي أقر مع الدستور على اعتبار تجارة الوزير جريمة، المادة السادسة من القانون تقول:
تعد إخلالا بواجب الوظيفة الأفعال الآتية:-
1 - إذا اشترى أحد الوزراء أثناء توليه الحكم أو استأجر شيئاً من أملاك الدولة ولو بالمزاد العلني.
2 - إذا دخل في تعهدات أو مناقصات تعقدها أية إدارة عامة أو أية مؤسسة تابعة لإدارة عامة أو خاضعة لمراقبتها.
3 - إذا كان عضواً في مجلس إدارة شركة أو وكيلا عنها أو تعاطى التجارة. والنص هو تفصيل للمادة 44 من الدستور التي تنص "لا يجوز للوزير أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أملاك الحكومة ولو كان ذلك في المزاد العلني، كما لا يجوز له أثناء وزارته أن يكون عضواًً في مجلس إدارة شركة ما، أو أن يشترك في أي عمل تجاري أو مالي أو أن يتقاضى راتباً من أية شركة".
وواضح من نص الدستور وقانون محاكمة الوزراء تقدمية الدستور الأردني الذي لا يعامل الموظف العام معاملة المواطن، فهو لا يخضع فقط لقانون العقوبات والجرائم الواردة فيه "يطبق المجلس العالي قانون العقوبات المعمول به في الجرائم المنصوص عليها فيه، وتعين بقانون خاص الجرائم التي تترتب عليها مسؤولية الوزراء في الأحوال التي لا يتناولها قانون العقوبات".
تعاطي التجارة بالنسبة للوزير، بحسب الدستور، أسوأ من تعاطي المخدرات، هذا ليس في الأردن وإنما في كل بلد يحترم نفسه. غير أن التدقيق في سير كثير من الوزراء يلاحظ أنهم تعاطوا التجارة بشكل مباشر أو غير مباشر وتضاعفت ثرواتهم في غضون توليهم الموقع.
لا يمنع ذلك رجال الأعمال المحترمين من دخول الوزارة، لكن عليهم أن يدفعوا الكلفة، وهي كلفة مؤقتة بالمناسبة، لأن عوائد عمله في القطاع العام تعود عليه آجلا بشكل مشروع من خلال الخبرات والعلاقات، وهي لا شك تختلف عن العوائد العاجلة غير المشروعة من خلال الصفقات والتسهيلات والعمولات.
دفاعا عن الدستور، ودفاعا عن أموال الناس، نريد من هيئات مكافحة الفساد تعقب من تعاطوا العمل التجاري أثناء توليهم الموقع العام. كل ما حصل من العام 1952 هو حديث عن جرائم نص عليها قانون العقوبات، مثل الرشوة والسرقة والاختلاس، ولم نشهد حتى الآن محاسبة للذين يتعاطون التجارة في غضون توليهم الوزارة.
( ياسر ابوهلالة - صحيفة الغد )