أعراض ضعف حكومي

كنا نسمع عن مشاكل كثيرة حدثت بين أعضاء فريق حكومة نادر الذهبي وصلت حد القطيعة في بعض الأحيان، ولربما كان غياب الانسجام بين أعضاء الفريق أحد أهم الأسباب التي أدت إلى رحيلها، لما لذلك من تأثير عميق على الأداء والإنتاجية.
الحال مع فريق حكومة سمير الرفاعي مختلف إلى حد ما، فلا مشاكل ولا قطيعة حتى اليوم، إلا أن ما يرشح من معلومات حول الفريق الحكومي الحالي، وما تشي به التحركات والتصريحات تظهر أيضا أن أعضاء الفريق يعانون من غياب التنسيق بينهم، وعدم وجود رؤية عامة تحكم العمل وتراقب مدى تقدم جميع الملفات.
ورغم التصريحات المهمة والإيجابية لرئيس الوزراء وكل وزير على حدة، إلا أن الصورة الكلية للمخرجات تقدم الدلالات على غياب روح الفريق.
من أمثلة ضعف التنسيق، على سبيل المثال لا الحصر، أن وزير الصناعة والتجارة عامر الحديدي أكد أكثر من مرة أن لا معلومات لديه عن دمج المؤسسات المعنية بالاستثمار، وأن الملف برمته يقبع على مكتب وزير تطوير القطاع العام والمشروعات الكبرى عماد فاخوري، رغم أن هذه المؤسسات تتبع لوزير الصناعة بشكل مباشر، وهو الأدرى بأسس عملية الدمج.
وبالعودة إلى الأجندة الوطنية وتطويرها كبرنامج عمل، وتحويل الملف برمته إلى وزارة تطوير القطاع العام، يتأكد مرة أخرى ضعف التنسيق، فمثل هذه المهمة كان الأولى أن توكل إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يضم في عضويته جمعا من المفكرين والمسؤولين السابقين من ذوي الخبرة، كونهم الأقدر على القيام بهذه المهمة بدلا من البحث عن شركة أجنبية تقوم بها مقابل مبالغ مالية، أظن أن الخزينة بحاجة إليها.
ضعف العلاقة بين مؤسسات سوق رأس المال والبنك المركزي، يقدم مثلا مختلفا عن الحال، حيث لا تتوفر رؤية واضحة للقيام بالمهمات المطلوبة في سبيل الارتقاء بالعمل وانتشال البورصة من مستنقع الانحدار الذي قبعت فيه لفترة طويلة تجاوزت كل التوقعات.
أبرز الإشارات على ضعف التنسيق، التصريحات التي يخرج بها الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور نبيل الشريف والتي تظهر التناقض الكبير بينها وبين ما يخرج على لسان مسؤولين آخرين.
وأكثر من ذلك، غياب الدور الحكومي المطلوب في كثير من القضايا الحساسة، والاختباء وراء سياسة الانتظار بدلا من اتخاذ خطوات وقرارات تضع الحكومة في دور المبادر لا المتلقي. ومن ذلك ما جرى تجاه قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهجير فلسطينيين من الضفة الغربية.
ومن المعطيات على ضعف تماسك الفريق الحكومي، شعور بعض الوزراء بأن بعضهم بات حملا زائدا على الحكومة يعيق تحركها، ويبطئ الإنجاز، نتيجة للأخطاء التي ارتكبوها خلال الأشهر الأولى من عمر الحكومة.
لم تمض على تشكيل حكومة الرفاعي سوى أشهر والفرصة قائمة لتلافي بعض العثرات، إذ أن كل ما سبق أعراض تدل على بدايات ضعف حكومي، قد يسوق الكثير من النتائج السلبية التي ستؤثر على أداء الحكومة وتقييمها خلال الفترة المقبلة، وليس من ضرر أو عيب في مراجعتها، لتجنب ما هو أقسى.
فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.