لماذا أمريكا هذه المره ؟!

الدارج والمتعارف عليه باستمرار ان الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ومنذ ألإعلان عن قيام هذه الكيان المصطنع في قلب الوطن العربي أنه يسارع الى تضخيم ألأمورعند اي تحرك عربي قد يخدم القضية الفلسطينية أو القضايا العربية مهما كانت هذه الخدمة متواضعة ، وقد استخدمت الماكنة ألإعلامية الإسرائيلية كثيرا لمواجهة الكثير من المشاريع العربية الداعمة لنضال الشعب الفلسطيني سواء على طريق النضال الفلسطيني الهادف الى الخلاص من ألإحتلال ألإسرائيلي الصهيوني الجاثم على صدور الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة المحاصر حصارا شاملا ، وقد نجح الصهاينة في معظم ألأوقات بتحقيق اهدافهم وإحباط المشاريع الفلسطينية العربية التحررية من قبضة ألإحتلال الصهيوني ، بالطبع دائما ما يكون ذلك النجاح بدعم من أمريكا وحلفاء إسرائيل في المنطقة العربية والعالم .
وقد عشنا وشاهدنا ذلك مرات ومرات حتى أصبح هذا ألأمرعاديا جدا ولاغرابة بتكراره فهيّ عادة ما تقرع طبول الحرب أمام أي نشاط تسليحي عربي او فلسطيني مهما كان بسيطا فتصوره وكأنه سيقضي على دولة إسرائيل بتستنفر العالم الغربي من أجل درء هذا الخطر الوهمي الذي لاوجود له بالأساس .
الغريب هذه المرة أن إسرائيل تتبادل مثل هذه ألأدوار الملفقة مع حاضنتها والمدافعة عنها في السراء والضراء الولايات المتحدة ألأمريكية وغيرها من حليفاتها فتأخذ واشنطن نيابة عن إسرائيل بقرع طبول صواريخ سكود بحماسة تتجاوز كل ما اثارته اسرائيل من ضجيح حول هذا الموضوع، الذي لا يزال يفتقر الى القرائن والادلة بعد اكثر من اسبوعين على اثارته!
ربما كان على وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ان تتأمل قليلاً في الواقع الراهن، الذي يثير ريبة المنطقة، قبل ان تحذّر ايران وسوريا من ان التزام الولايات المتحدة امن اسرائيل لا يهتز، وان على طهران ودمشق ادراك عواقب تهديد الدولة العبرية.
هذا كلام ينافي الواقع ويُسقط كل صدقية عن السياسة الاميركية في المنطقة، بل انه يعمّق الكراهية حيال اميركا، في وقت تسعى ادارة الرئيس باراك اوباما لدفع عجلة التسوية المعطلة كما هو معروف.
إنه ينافي الواقع ربما لأن على اميركا اولاً ان تعترف، ولو لمرة واحدة، بأن الذي يهدد امن المنطقة هو اسرائيل التي لم تتوقف قط عن شن الحروب والتوسّع، وثانياً ان تدرك عواقب العدوان الاسرائيلي الدائم، ليس على الكيان الاسرائيلي وحده بل على صورة اميركا وصدقيتها في العالمين العربي والاسلامي، اللذين يحاول اوباما الآن ان يجد مساحة ارحب للتصالح معهما، ولكن با لرغم من سعي أوباما الى تغيير صورة أمريكا في العالم بعد ان وصلت الى الحضيض نجده يقف مكتوف اليدين حيال ما تقوم به إسرائيل الحليفة الأولى لأمريكا التي تلتزم بأمن حليفتها إسرائيل وتؤكد دائماً ثبات هذا الالتزام، وهي حرة ان تمارس هذا ألإلتزام ولكنها من وجهة نظرنا كعرب ومسلمين تلحق بنا إسرائيل الضرر نرى ان أمريكا ليست حرة على الاطلاق في ان تقوم بحراسة اسرائيل التي تمارس سياسة العدوان في المنطقة بالسلاح والدعم الاميركيين!
نعم ليس من حق أمريكا ان تقلب الحقائق الخاصة بقضية صواريخ سكود قد اخذت بالتراجع نسبياً في الايام القليلة الماضية، بعدما اثارت زوبعة من المخاوف والتحذيرات رافقتها تهديدات خلّفت توجساً عميقاً في لبنان، خوفا من شن عدوان إسرائيلي جديد ضد لبنان وسوريا، ذلك عندما وزّعت كلينتون مقتطفات من كلمة كانت ستلقيها امام اللجنة الاميركية – اليهودية، وفيها ان نقل اسلحة متطورة بينها صواريخ الى "حزب الله" في جنوب لبنان والى حركة "حماس" في قطاع غزة يمكن ان يشعل نزاعاً جديداً في الشرق الاوسط.. مؤكدةعلى وجود "تهديدات حقيقية" تواجه اسرائيل من سوريا وايران و"حزب الله" و"حماس"، وان واشنطن مصممة على تغيير هذا السلوك، بينما من الواضح تماماً ان اسرائيل هي التي تمثل التهديد الحقيقي في المنطقة. سبق حديث كلنتون هذا تصريحات وزير الدفاع روبرت غيتس الذي قال قبل ايام "إن لدى "حزب الله" صواريخ اكثر من معظم دول العالم، وهذا امر مقلق بالتأكيد"!
كان واضحاً تماماً ان تصوير "حزب الله" وكأنه قوة عظمى يساعد عملياً في توفير الذرائع التي تحتاج اليها اسرائيل التي تستغل اقوال كلينتون وروبرت غيس لشن حرب جديدة تزعم انها وقائية او لمجرد الدفاع في وجه هذا الطوفان الصاروخي. ومن أجل إشغال العرب والعالم بأيجاء إمكانية وقوع حرب جديدة في المنطقة بالرغم من كشف
تقارير ديبلوماسية كثيرة في واشنطن وحتى في تل أبيب الى ان اجهزة استخبارات غربية عدة وبينها اميركية ليست قادرة على ان تؤكد بشكل مستقل اي تفاصيل عن تزويد سوريا "حزب الله" صواريخ سكود.أمام الكشف عن هذه الحقائق
فإن التحذيرات التي أطلقتها كلا من كلينتون وغيتس اشبه ما تكون بالنفخ في نار مفتعلة ولكنها تخبو، وهو ما يثير مزيداً من المرارة العربية حيال سياسة واشنطن، المنحازة تماما للمصالح ألإسرائيلية بالكامل ، وهذا ما يؤكد الى قيام أمريكا بتبادل الأدوار مع إسرائيل ويدفعها الى شن حملة تحريضية ضد ايران وسوريا وحزب الله وحركة حماس مهيئة ألأجواء امام إسرائيل لشن عدوان جديد ضد سوريا ولبنان بحجة الدفاع عن النفس .