أعدائي اجتمعوا عليّ يا حبيبتي

تم نشره الأحد 02nd أيّار / مايو 2010 04:55 صباحاً
أعدائي اجتمعوا عليّ يا حبيبتي
يوسف عبد العزيز

من أيّ سماء هبطتْ عليّ نجمتُكِ الحالمة؟ من أيّ جهةٍ تسلّل إليّ صوتُكِ الأشهب؟ ومن أيّ ربيع جاءت إليّ كلّ هذه الغبطة البريّة، حتى فاضت يداي بالأزهار؟ وقد مشيتُ في طريق النّاس، فأطلّوا عليّ من نوافذهم وشرفاتهم، وأشعلوا جسد النهار بالصّفير. لقد ظنّوا حين رأوني أنّ هناك حديقة تتجوّل!!

المقهى هادئاً كان حين دخلتِ. في ركنٍ منه كنتُ أنتظر بلهفة، كنت أحرق دقائق الوقت الرهيب الذي يتلكّأ، وأتسلّى بالكتاب الذي بين يديّ، كنت أقرأ ولا أفهم شيئاً، فيما الرّوّاد كانوا مشغولين بالجلوس والوقوف. فجأة عاصفة مجنونة ضربت المكان، فجأة أنا على صهوة موجة هائلة أترنّح، ولا أثر لليابسة حولي، لا أثر للناس.

مثلما يعثر المنفيّ على وطنه عثرتُ عليكِ، وصرتُ كالملهوف أهذي وأنا أطلّ على تلك الأرض الخرافيّة التي تتموّج تحت ناظريّ، وأتأمّل تلك السّواحل النادرة والخلجان. صرخةٌ مباغتة انفجرت من بين شفتيكِ فسقطتُ عن ذلك السّرج الباذخ مثل أميرٍ في لحظةِ نِزال.

جسدُكِ ملعب نيازك، جسدكِ ممرٌ طويلٌ لعربات النار، جسدُكِ غابة سيوفٍ تتلامع تحت شمس الظهيرة، فيما أنا كالمحارب الكسول أمسكُ وردةً بين أصابعي، وأكتب على رقعة ذلك النهار الصيفي صكّ استسلامي، وأتمتم ادخليني بسلام.

من الغلاف إلى الغلاف قرأتُ كتاب الحبّ، ولم أفقه جملةً واحدةً منه. حاولت أن أكتب شيئاً عن الحب ولكن من دون فائدة. كلّما كتبت شيئاً كلّما محوته. تساءلت بيني وبين نفسي، كيف أكتب الحب؟ أيّتها المهرة الجسور، التي ظهرت في حياتي، ترفّقي بتلميذك، وعلّميه أبجديّة الحب. احدبي عليه وحزّي على مهلٍ قلبه ليسيل بتلك الوردات القليلة الوردات التي ستقود التائهين في طريقهم الطويلة إلى الحبّ.

في الطريق الطويل إلى الحبّ يتربّص الموت. ثمّة كهل ينزوي جانباً في كهفه ويوزّع الورد، والعشّاق يمرّون به ويستأنسون بالوردات الحمراوات التي يأخذونها، هم لا يدرون أنّ الوردات تلك لم تكن سوى وردات مسمومة، وأنّهم بعد قليل سيسقطون قبل أن يصلوا بها إلى حبيباتهم، محض (مراقسة) هم العشّاق. ما الذي أفعله يا فلسطيني الصّغيرة في هذه الدّرب التي تتلوّى تحت قدميّ في هذه الهاجرة، وتمتدّ بي إلى ما لستُ أعرف؟؟ تلوح يدكِ في البعيد فأقترب، وحين أوشك على ملامستها أكتشف أنّ تلك اليد التي لوّحت ما هي إلا قبضة السّراب.

بين ضلوعي قارّة مأهولة بالعشّاق.

حين تمرّين تتلجلج أفواههم بالأصوات،

ويطيّرون قلوبهم كالبالونات الملوّنة. اقتربي منهم مرّةً واحدة، وأنقذيهم من فداحة النسيان.

قولي لي أرجوكِ ما الذي كنّا نتحدّث فيه حين التقينا؟

محض كلمات مذعورة خرجت من جوفي، كلمات لم تكن عن الحب، ولم يربطها بالشعر رابط. كنت أريد من ورائها أن أداري خيبتي. آه تذكرين لقد ضحكتِ بغزارة حتى ذاب جسدكِ في الضّحك، وتحوّلتِ إلى قميص شفيف من الضوء. أمّا أنا فلم أفهم ما حدث، كنت كيائس يضرب فأسه في الصخر، وفجأة انفجر النّبع تحت قدميه.

من زمان كنت أبحث عن أم صغيرة مثلكِ، أم تكفكف دمعي المتهاطل، وتتحمّل هزائمي. أعدائي اجتمعوا عليّ يا حبيبتي، لقد استلّوا منّي قلبي الصّغير، وهووا عليه بمطارقهم الثقيلة، لقد دقّوه ودقّوه حتى أحالوه إلى مجرّد رقعة تافهة من القصدير، القصدير الذي لا يلزم لأيّ شيء.

الغد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات