رادارات وأُردن اخضر

(1)
ظاهرة انتشار الرادارات (بلباس الشرطة واللباس المدني) المزروعة على الطرق الخارجية في معظم الايام, وفي يوم الجمعة (يوم خروج عشرات الالاف من الاسر الاردنية للنزهة في نهاية الاسبوع) حيث يوجد كمين في كل (10) كيلو متر, ولا يستطيع الا القليل من المواطنين الافلات منه, لان تحديد السرعة وتخفيفها الى درجة اقل من السرعة داخل العاصمة يساعد كمائن الرادار على اصطياد المواطنين ومخالفتهم. فترى المواطن الذي حشد عائلته واطفاله للنزهة تحت ظل شجرة على قارعة الطريق, او على مشارف البحر الميت يدفع للحكومة ضعف تكاليف نزهته الاسبوعية (بصورة مُخالَفَة).
ظاهرة, نقاط الرادار, يضاف اليها عشرات الكاميرات المخفية وغير المخفية, على الطرق الخارجية, تجعل عطلة نهاية الاسبوع نكداً في نكد, وليس صحيحا انها تؤدي الى خفض حوادث السير. ولو كانت كذلك لشاهدنا على الشوارع والطرق الخارجية في دول العالم ما نشاهده في بلادنا. فانت ان زرت بلدا اجنبيا, فمن النادر ان تشاهد دورية, وكمائن, بحيث انه بين الكمين والكمين, كمين آخر. واجزم بأن الحملات المفاجئة والمباغتة لمراقبة السرعة على الطرق افضل من هذا الحشد اليومي للرادارات التي يقابلها السائقون بأضواء التحذير ويضاعفون السرعة بعد تجاوز الدورية.
ويوم الخميس كنت في عداد المدعوين لحضور مناسبة رسمية في احد فنادق البحر الميت, لم يصل احد منا الى الموعد الا وفي يده مخالفة او مخالفتان. وعلى اوتوستراد يفترض ان تقسّم عليه السرعات تقود بسرعة اكبر داخل العاصمة من القيادة على طريق الاغوار, وبعد ذلك نريد سياحة في البحر الميت!!
ان غياب تنظيم السير على الطرق وعدم تخصيص مسارب للحافلات الصغيرة واخرى للقلابات وثالثة للسرعة العالية يجعلك تتنافس على الطريق مع شاحنات لا تنقطع. ومن عجائب الامور انه في الوقت الذي تركزت فيه الجهود لتحويل البحر الميت الى متنزه عالمي وقرية سياحية وشاطئ علاجي, ظهرت الكسارات في الاغوار تلوث الجو, مع اسطول من الشاحنات تزيد من كمية التلوث في اكبر بقاع الدنيا غنى بالاوكسجين.
(2)
وبمناسبة الحديث عن السياحة, فالواقع لم يبق من مناصر للبيئة في البلاد غير مقاومة الطبيعة. اما حكاية الاردن الاخضر, فلا زالت شعارا على الورق.
نتذكر بالخير, الذين خططوا لعمان عندما كانت حدودها الدوار الثالث وجبل اللويبدة والحسين. ففي هذه الجبال يمكنك ان تسير اليوم على رصيف واسع, وان تستظل باشجار زينة جميلة وفريدة. هناك فسحة من الهواء للمنازل وسكانها, لكن من المؤسف ان عددا من سيقان هذه الاشجار اكلتها الارصفة التي لم تترك منفذاً لقطرة من المطر تتسرب الى جذورها, فاسودت جذوعها وأغصانها, كل ذلك في زمن فيه وزارة للبيئة.
ونتذكر بالخير, دائرة الحراج, وما قامت به خلال الستينيات والسبعينيات, عندما زُرِعتْ عشرات الالاف من الدونمات في مختلف المناطق بالاشجار الحرجية, فتحولت الجبال الى متنزهات خضراء غيرت من صورة الاردن وزادته جمالا وسحرا.
اليوم, التحطيب شَغّال في الجبال, وبعضه تحطيب المشاريع (وكأنه حدا حالف يمين ما يخلي شجرة خضراء). واذهبوا الى الغور وطريق البحر الميت, لتشاهدوا هناك (صفصافة الاغوار) شجرة هي هبة من الطبيعة, يمكن لها ان تجعل كل الجبال المطلة خضراء. تنبت وحدها وتصبح شجرة باسقة جميلة, لكن بشرط ان تجد انساناً يقلمها ويهذبها, فهي في شوارع ابو ظبي, ودول الخليج باسقة كالنخيل. وانا اطلق عليها اسم صفصافة لانها تتدلى بأغصانها الباكية فلا تجد عناية ولا قيمة وتنبت من دون ماء, ولا تجد مقصاً ولا عناية من وزارة الزراعة ولا من البيئة, مما يجعل شعار الاردن الاخضر مجرد حبر على ورق.0
العرب اليوم