مصيرنا على الخريطة الاستثمارية

لا يمكن الحسم، بأن الاقتصاد وصل أدنى نقطة تراجع، وأنه بدأ بدخول مرحلة التعافي، رغم تردد المروجين لهذه الفكرة، في تحديد مؤشرات التعافي من الوضع الاقتصادي الحالي الصعب، إذ تشير الأرقام والحالة السائدة، إلى أننا ما نزال نعاني من حالة التباطؤ الاقتصادي.
بحسب القراءات، يتضح أن منحنى الاقتصاد منذ اندلاع الأزمة المالية، أخذ أحد شكلين هما حرف L أو U والفرق بين الشكلين كبير، فتفسير الشكل الأول يعني أن الاقتصاد سيبقى يعاني إلى مدة زمنية، قد تصل عاما أو أكثر، ليعاود استعادة عافيته، وذلك هو المرجح.
أما ما يعنيه الشكل الثاني، فيتلخص في أن توجهات الاقتصاد بدأت بالصعود، بعد أن نزلت لأخفض نقطة ممكنة، ما يعني أننا سنبدأ بمشاهدة وملاحظة بعض ملامح التحسن الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، وتحديدا في القطاعين المالي والعقاري.
بيد أن المعطيات الحالية والمؤشرات الاقتصادية، ترجح كفة الشكل الأول، فالحالة الاقتصادية العامة، وأرقام السوق المالية، وأوضاع القطاع العقاري والسيولة في السوق، تؤكد أن دخول مرحلة النهوض والتعافي، سيستغرق بعض الوقت، وقد نبدأ نستشعر ذلك مطلع العام المقبل.
ويطيل عمر مدة الانحسار، سياسة الاقتراض الداخلي، التي اعتمدتها الحكومة منذ العام الماضي، والتي امتصت سيولة تقارب قيمتها 1.3 بليون دينار، كان الأجدى أن يستفيد منها القطاع الخاص.
مرور فترة التعافي، يجب ألا يتم بانتظار ما هو آت، بل يلزم التحضير لحالة الانتعاش، بحيث نضمن بقاء الأردن على خريطة المنطقة الاقتصادية، وتحديدا الاستثمارية.
فالتسويق الكبير الذي تمارسه بعض الدول المجاورة، يستحق التوقف عنده ومحاكاته، بحيث نضمن عدم ضياع الفرص الاستثمارية المتوقعة في العام 2011، نتيجة ارتفاع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، وتوفر سيولة خليجية، تبحث عن موطئ قدم لاستثماراتها.
وعلى المخطط المحلي، تفادي الوقوع في أزمة جديدة، تتمثل بضعف جذب الاستثمارات، وتجنب ذلك، يتطلب إعادة النظر في سياسة الاقتراض الحكومية، وفتح آفاق للمصارف المحلية لزيادة تعاونها مع أسواق مجاورة، وتوسيع أدوات الاستثمار المالي، لتغطي الضعف الذي يتسبب به صغر حجم السوق.
وتسريع خطوات دمج المؤسسات الاستثمارية، وتوحيد مرجعات المستثمرين، وتسهيل أعمالهم لا تعقيدها، مسألة تصب أيضا في الهدف ذاته، وتسهم في إبقاء المملكة نقطة جذب استثماري، تغري أصحاب رؤوس الأموال، بإنشاء استثماراتهم لدينا وليس العكس.
حجز مكان في خريطة المنطقة الاستثمارية، يتطلب الاهتمام بقطاعات من دون غيرها وتسويقها، وتحديدا الخدمات التي نجحت وسجلت قصص نجاح، مثل الاتصالات والبنوك والتأمين والخدمات الصحية، وتقديمها كفرصة استثمارية تعرض على المستثمرين.
ومن القطاعات الواعدة، التي يلزم التركيز عليها قطاع الطاقة المتعطش للاستثمار، إذ تقدر قيمة الاستثمارات التي ينتظرها حوالي 15 بليون دينار، لو نجحنا في تسويق جزء منها، لحققنا نتائج جيدة للاقتصاد الكلي والجزئي على السواء.
الأشهر المتبقية من العام الحالي حرجة وحساسة وحاسمة في مصير المملكة الاستثماري، وآليات العمل خلالها ستحدد مستقبل الاستثمار، لا سيما وأن ما تقوم به الدول الأخرى، سيغير الخريطة الاستثمارية في المنطقة، ويعيد ترتيبها بحسب جاذبية الدول لرؤوس الأموال.