كل هذا التكتم؟!

تم نشره الثلاثاء 04 أيّار / مايو 2010 05:19 صباحاً
كل هذا التكتم؟!
جميل النمري

هل يضمر رئيس الوزراء الأردني شرّا للأردن؟! هل يحبّ أن يرى الأردنيين أكثر تفتتا وانكفاء على ولاءاتهم وعصبياتهم العشائرية والفئوية؟! هل يكره التقدم الاجتماعي والتحديث والديمقراطية؟! أنا لا أعتقد أنه كذلك، وليس من سبب أبدا ليكون كذلك!

لماذا، إذن، هو على وشك إخراج قانون للانتخاب يطيح بالأردن نصف قرن آخر إلى الوراء زيادة على ما أطاح به القانون الساري المفعول؟!

هذه واحدة من عجائب الحياة السياسية الأردنية! بعد عقد ونصف من السجال المرير حول قانون الانتخاب انتهينا إلى الإقرار بضرورة التغيير من أجل تدارك التراجع المتواتر في الحياة البرلمانية والسياسية والاجتماعية، وبعد هذا الإجماع على التغيير بل وحلّ البرلمان في منتصف ولايته لغاية إصدار قانون انتخاب "عصري"، فإن الرئيس يوشك أن يفاجئنا بمشروع قانون لا يحتوي سلبيات القانون القديم فحسب، بل يعمّقها إلى أقصى مدى يمكن تخيله؟! كيف نفسر ذلك؟!

لعل الرئيس لا يقصد أن يفعل كل هذا الشرّ؟! ولعلّه لا يفترض أن القانون بهذا السوء؟! وبالفعل فنحن ليس لدينا إطلاقا أي فكرة لماذا مال إلى هذا الخيار؟ ومن استشار؟ ولا أحد يستطيع أن يقول متى وأين وكيف نوقشت الخيارات! بل إننا لا نستطيع أن ندّعي أن هناك خيارا ما!

مشروع القانون لم يعرض رسميا في أي مكان بعد! لكن منذ شهر تقريبا تتسرب معلومات وقبل يومين ظهر تصريح على لسان الناطق الرسمي للحكومة يؤكد أن اللجنة الوزارية ستجتمع قريبا لإقرار الصيغة، وهو لم يقل ما هي الصيغة لكن "التسريبات" وقد باتت معلومات مؤكدة تقول إنها تقوم على مزيد من "التقسيم" فقط؛ تقسيم الدوائر التي بها أكثر من مقعد إلى دوائر بعدد المقاعد، لكن ليس تقسيما جغرافيا، بل "ديمغرافيا"، وهذه ثالثة الأثافي أي أن سكان الدوائر التي كان لها أكثر من مقعد سوف يتوزعون، بحسب رغبتهم وحيث ينزل مرشحهم على أي من الدوائر الفردية "النظرية" في المحافظة للمنافسة على المقعد الواحد.

طبعا القانون ليس فيه أي قيمة مضافة أو "إصلاح" بل فقط تعميق الانكفاء العشائري والفردية والمحليّة. والاقتراح يبتعد مسافة ضوئية جديدة عن التنمية السياسية والتشارك، وسوف نخصص حديثا آخر مفصّلا لبيان سلبيات القانون والثغرات العملية الكثيرة في تطبيقه. وكذلك سنتحدث عن الاقتراحات التي أهملت وكانت ستضيف عناصر توحيدية تربط الناس عبر الدوائر؟!

ربما لو أن الرئيس ومن شارك في إقرار الصيغة (من هم؟!) استمعوا وناقشوا مهتمين وخبراء وفاعليات مختلفة لكانوا وسّعوا مروحة خياراتهم. وقد كان هذا واجبا وضرورة. لكن ما حدث هو اعتماد أسوأ تقاليد التستر والانعزال في إدارة القرار، وهل يعقل أن قانون الانتخابات بالذات وهو عنوان المشاركة يطبخ بكل هذا التكتم!؟ إنها مأساة أردنية بامتياز.

الغد


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات